-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

دراسة حول نقابــة المالكيــن



dourouby.tn


 

دراسة حول
نقابــة المالكيــن


           
إعداد: فاطمة العلوي
متفقد مركزي بالإدارة الجهويّة للملكيّة العقاريّة بتونس



dourouby.tn

 


المقدمة

لم تعد التهيئة العمرانية مقتصرة على تنفيذ الإجراءات التي تنظم استخدام الأراضي في منطقة معينة بهدف إقامة أنشطة اقتصادية واجتماعية، بل أصبح تنفيذها منظما بهدف ضمان بيئة معيشية سليمة للمواطن على النحو المحدد في الفصل 1 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير.

تتميز عمليات التهيئة العمرانية هذه من ناحية عن التهيئة الترابية، التي تهتم بتنظيم المجال الترابي الوطني والجهوي عبر تركيز المشاريع الكبرى للبنى الأساسية، فهي: "نشاط يتمثل في إجراء عمليات التهيئة والترخيص فيها وضمان التنسيق بينها".

كما تتميز من ناحية أخرى، عن التنمية الريفية التي تهدف بشكل أساسي إلى ترشيد استخدام الأراضي الفلاحية وموارد المياه ضمن مجال محدد.

تم احتكار هذه العملية، بهدف توفير الأراضي اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى حد كبير من قبل المتدخلين العموميين الذين -في مواجهة أزمة السكن- وندرة العقارات وظاهرة احتفاظ الأفراد بالأراضي، مما دفع المشرع لسن إطار قانوني مناسب مع منح الهياكل التي ينص عليها القانون حق الأولوية في اقتناء الأراضي المعروضة للبيع في بعض المناطق المحددة سلفا، بهدف إنجاز مشاريع ذات مصلحة عامة.

لكن ذلك لم يمنع المشرع من السعي لإشراك سكان المدن من أجل تخفيف الصورة السلبية التي نشأت عن اتساع تدخل الدولة في المجال العقاري في السبعينيات والثمانينيات، فأصبحوا في بعض الأحيان، "شركاء للهياكل المتدخلة" على معنى الفصل 36 م.ت.ت.ت. أو شركاء قسريّين للإدارة طبقاً لأحكام الفصل 33 م.ت.ت.ت. ‏

لكن هذا النهج التشاركي للمواطن في تنمية مدينته، ​​لن يكون فعالا حقيقة ما لم تحدد أولا استراتيجياته وطرق تنفيذه في مجال ما فتأت سيطرة السلطات العمومية عليه في التفاقم رغم الانفتاح الاقتصادي لتونس وانضمامها لمنظمة التجارة العالمية التي تستوجب إرادة حقيقية للإصلاح وإعادة الهيكلة تقوم على تخلي الدولة لصالح المبادرة الخاصة، مما يسمح بالتالي بتوسيع المدن وتطويرها حتى تكون قادرة على المنافسة على المستوى الدولي فتتمكن بالتالي من استقطاب مختلف الأنشطة الاقتصادية ولكن دون إقصاء للإنسان.

هذا التطور رافقه تفاقم الطلب على العقارات ذات الطابع السكني، كان نتيجة لسياسة تشجيع الأنشطة الصناعية التي غالبًا ما تكون عشوائية في المدن الكبرى التي تشكل في نفس الوقت سوقا للعمل، ولكن أيضًا بسبب فشل السياسة الزراعية التي تم اتباعها إبان الاستقلال والذي أدى إلى نزوح جماعي من الريف وتمركز شريحة اجتماعية هامة في ضواحي المدن بسبب ارتفاع تكلفة الأراضي.

لقد تفاقمت هذه الاعتبارات في الوقت الحاضر، الأمر الذي سيتطلب جهدا ماليا من الدولة من خلال اللجوء المفرط إلى انتزاع الملكية وممارسة حق الأولوية في الشراء، وهو ما يعتبر في كثير من الأحيان اعتداء على الحق السيادي في الملكية الخاصة.

وأمام هذه الصعوبة والحاجة الماسة لتوفير الأراضي والتحكم في تكلفتها، فإن إمكانية اللجوء إلى نقابات المالكين ستساعد السلطات العمومية في تحمل تكلفة الأراضي المنتزعة، وتساهم في حركية المخزون العقاري في ظروف سريعة وميسرة.

                   

تعرف نقابة المالكين التي تنظمها الفصول من 45 إلى 57 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير والأمر عدد 542 لسنة 1997 المؤرخ في 22 مارس 1997 المتعلق بالمصادقة على النظام الأساسي النموذجي لنقابات المالكين، بأنها مجموعة "مالكي الأراضي والعقارات ... وذلك قصد تطبيق أمثلة التهيئة وإعادة البناء وضم او تقسيم الممتلكات وتهيئة الطرقات الخاصة وتوابعها والقيام بجميع الإجراءات القانونية والإدارية لتسوية الأوضاع العقارية بالمنطقة".

استنادا لهذا التعريف، يمكننا أن القول أن نقابة المالكين هي مجموعة من أصحاب العقارات الذين يساهمون في تحقيق العمليات التي أقرها القانون، في منطقة معينة مع تقاسم التكاليف بين مختلف المالكين.

اهتمت هذه المؤسسة منذ إحداثها في بلادنا في بداية القرن 19 فقط بالمجال الزراعي تأسيا بالتجربة الفرنسية في المجال، لكن وعلى إثر الحرب العالمية الثانية، وفي أعقاب الدمار الهائل الذي سببته، أصبحت هذه النقابات وسيلة لتحقيق السياسة العمرانية في فرنسا، فسارع مشرعنا إلى استلهامها من القانون الفرنسي مما سمح بإنشاء نقابات للمالكين في المجال العمراني.

وبالفعل، تم تنظيم هذه المؤسسة صلب أمر 11 سبتمبر 1943 المتعلق بالهندسة المعمارية والعمران الذي أقر في فصوله من 27 إلى 40 إمكانية إنشاء هذا الصنف من النقابات، ثم ضمن مجلة التعمير في فصولها من 48 إلى 61.

لكن هذه المؤسسة شهدت في حد ذاتها فشلا ذريعا حيث لم يتم إنشاء أي نقابة في ظل التشريع السابق.

إنطلاقا من التعريف العام الذي أوردته مجلة التهيئة الترابية والتعمير لمجال تدخل نقابات المالكين، يمكن تصنيف نقابات المالكين كما يلي:

نقابات لضم وإعادة تقسيم الأراضي.

نقابات لتقسيم العقارات المشاعة.

نقابات لإنجاز أشغال التهيئة والتجهيز.

نقابات لإعادة البناء.

dourouby.tn

 

ورغم منح المشرع التونسي هذا الصنف من المؤسسات اختصاصات موسعة من خلال تمكينها من تطبيق أمثلة التهيئة، فإنها مع ذلك لا تزال، خلافا للقانون الفرنسي، خاضعة لنظام قانوني موحد دون الأخذ بعين الاعتبار درجة وأهمية المهمة المنشودة.

لقد وضع المشرع التونسي قائمة حصرية للمهام التي يمكن  لنقابات المالكين القيام بها، حيث أسند لها مهاما محددة طبقا لموضوعها، وهو ما يأكد تمسكه بمبدأ الإختصاص، وبالتالي يحجر على النقابة القيام بأعمال لم ينص عليها القانون صراحة مثل تكوين مخزون عقاري عن طريق حيازة العقارات الراجعة للأعضاء.

لذا، يعد تجاوز النقابة لمهامها المقررة قانونا سببًا مشروعًا لحلها بقرار من الوزير المكلف بالتعمير تطبيقا لمبدأ توازي الشكليات، وذلك بناء على طلب من السلطة المحلية أو الجهوية أو من المالكين الأعضاء.

يمكن أن يصدر طلب إنشاء نقابة مالكين عن السلطات العمومية، وتحديدا الجماعات العمومية المحلية، التي يمكنها من خلال هذه المؤسسة أن تنأى بنفسها عن التدخل في وضعيات عقارية يسودها التشرذم الشديد، ويمكنها أيضًا، القيام بعمليات التهيئة بالتشاور مع المالكين مع مراعاة متطلبات مثال التهيئة العمرانية.

أما بالنسبة للمالكين، فيمكنهم عبر هذه المؤسسة الترفيع في قيمة عقاراتهم الكائنة بمناطق غير عمرانية، وتجنب لجوء السلطات العمومية إلى انتزاع عقاراتهم، وأخيرا، سيتمكنون من تنفيذ مشروع عمراني على النحو الذي يرتضونه وبالتشاور مع مختلف المتدخلين.

لكن هذه الأسباب لم تكن كافية لتشجيع المالكين الخواص ولا السلطات العمومية على إنشاء هذه النقابات، حيث في الواقع لم يتجاوز عدد النقابات المحدثة في إطار مجلة التهيئة الترابية والتعمير (06) نقابات‏:

نقابة مالكي تقسيم "الفوز" الكائن بمنطقة التضامن دوار هيشر ولاية أريانة.

نقابة مالكي تقسيم "حجيج والوظيف" الكائن بأريانة.

نقابة مالكي الرسم العقاري المعروف بـ"أرض الجعيدي"  الكائن ببلدية الزهراء ولاية بن عروس.

نقابة مالكي حي المليعب الكائن ببلدية طبرقة ولاية جندوبة.

نقابة مالكي العقار موضوع الرسم عدد 68717 تونس الكائن ببلدية حلق الوادي.

نقابة مالكين بعقارات كائنة ببلدية سكرة.

كان الهدف من إحداث النقابة الأولى إعادة تجميع أرض تجمع أكثر من ثلاثمائة مالك، في حين أن التجربة الثانية، جمعت تسعة وعشرين مالكًا يمتلكون معًا (40860 م2) في أرض بيضاء كائنة بأريانة.

ويرجع سبب لجوء المالكين إلى هذه المؤسسة في الواقع، في الرفض المستمر للسلطات البلدية لإصدار رخص بناء لبعض المالكين وعدم تمكنهم من قسمة مناباتهم سواء بصفة رضائية أو قضائية وأيضا في فشلهم في الحصول على أحكام عقارية بإفراز مناباتهم في إطار تحيين الرسوم العقارية، وأمام هذا المأزق الإداري والقضائي، صدرت المبادرة عن المصالح البلدية لبلدية أريانة بهدف إحداث نقابة مالكين.

أمام تفشي مثل هذه الوضعيات، تبدو نقابة المالكين مؤهلة لأن تلعب دورا بارزا في دفع إنتاج الأراضي المهيأة والمساهمة في تنفيذ أمثلة التهيئة العمرانية ومعالجة إشكالية تقسيم العقارات، مما يتجه معه التعمق في النصوص القانونية المنظمة لها، والتساؤل حول كيفية تنظيمها من قبل المشرع التونسي؟

للإجابة على هذه الإشكالية يتجه دراسة القواعد المنظمة لإحداث نقابة المالكين في جزء أول، ثم النظر في القواعد المتعلقة بتنظيمها وسيرها في جزء ثان.



الجزء الأول: القواعد المنظمة لإحداث نقابة المالكين:
عدم كفاية التنظيم وتدخل الإدارة


من خلال دراسة مختلف الأحكام المنظمة لإحداث نقابة المالكين، نتبين أن تكوينها يبدأ بمبادرة من المالكين الخواص التي تبقى في ظل عدم تنظيمها إجراءا غامضا (القسم الأول) مما أدى إلى هيمنة دور السلطة الإدارية في إحداثها (القسم الثاني)

القسم الأول: غموض المبادرة الصادرة عن المالكين

أوجب المشرع على المالكين الراغبين في إحداث نقابة مالكين‏ استيفاء جملة من الشروط: أولها إثبات صفتهم كأصحاب عقارات ذات صبغة عمرانية ضمن منطقة محددة (الفقرة الأولى) وثانيها المصلحة التي تحفزهم من أجل إحداثها (الفقرة الثانية) ومع ذلك، لم يحدد النصاب القانوني الواجب توفره للبدء في إجراءات إحداثها (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: ملكية عقار ذي صبغة عمرانية

dourouby.tn

 

عرف الفصل 17 من م.ح.ع الملكية بكونها "الحق الذي يخول صاحب الشيء وحده استعماله واستغلاله والتفويت فيه"، وبذلك فهي تمنح صاحب الشيء الحقوق التقليدية الثلاث المرتبطة بها، وهي: حق استعمال الملك، حق استغلاله وحق التفويت فيه.

إن إثبات صفة المالك سواء كان شخصاً من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص يعتمد على وضعية العقار مسجلا كان أو غير مسجل.

ببالنسبة للعقارات المسجلة، يكفي لإثبات صفة المالك، الإدلاء بشهادة ملكية تثبت ترسيم حق ملكيتة للعقار في السجل العقاري أو بسند ملكية مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن هذا الأخير لا يمكن تسليمه مباشرة إلى نقابة المالكين.

أما بالنسبة للعقارات غير المسجلة، فيجب على المالكين الإدلاء بصك ملكية الذي يمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة: فيمكن أن يكون حجة عادلة أو كتبا خطيا أو حكماً حاز على حجية الشيء المقضي به مثبت للحوز طبقا لأحكام الفصل 38 وما بعده من مجلة الحقوق العينية.

تجدر الإشارة هذا الصدد، إلى أن تحديد صفة المالك قد يطرح عدة صعوبات على المستوى العملي، كحالة تجزئة الملكية إلى حق رقبة وحق انتفاع التي لم يتطرق إليها المشرع.

يعرف حق انتفاع بكونه "الحق في استعمال شيء على ملك الغير واستغلاله مثل مالكه لكن بشرط حفظ عينه" وبالتالي، يحق لمالك حق الانتفاع  أن ينتفع فقط بملكه، في حين يمنح حق الرقبة صاحبه حق التصرف في الملك.

إن المالك على معنى أحكام الفصل 17 من مجلة الحقوق العينية هو من يمكنه الانخراط في نقابة المالكين، ذلك أن صاحب حق الانتفاع لا يملك حق التصرف في العقار الذي يمكنه من التفويت فيه سواء مجانا أو بمقابل، لذا يمكن القول أن المالك الذي تجتمع بيده جميع عناصر الملكية أو مالك حق الرقبة ما من يخول لهما الانخراط في النقابة.

غير أن هذا الحل يطرح إشكالا، فإحداث نقابة مالكين يولّد تلقائيًا التزامًا حقيقيًا متعلقا بالعقارات المدرجة في منطقة تدخل النقابة والتي لم يشارك مالك حق الانتفاع في تكوينها، لكنه يجد نفسه مالكا لحق الانتفاع بعقار مثقل بتحمل دون موافقة صريحة منه.

قد تنشأ صعوبة أخرى فيما يتعلق بتحديد صفة المالك في حالة الاشتراك في الملكية بين الزوجين، فهذا النظام الاختياري لا يشمل مبدئيا سوى العقارات التي تم  اكتسابها بعد إبرام عقد الزواج وقد حجر المشرع صلب الفصل 17 من القانون المتعلق بالاشتراك في الملكية التفويت في المشترك ولا إنشاء حقوق عينية عليه إلا برضا كلا الزوجين.

تأسيسا على ذلك، وإذا كان الزوج لا يستطيع التصرف في عقار خاضع لنظام الاشتراك في الملكية، فلا يمكنه بداهة الانخراط في النقابة دون موافقة صريحة من قرينه.

أخيرا يجب أن تشمل منطقة تدخل نقابة المالكين العقارات ذات الصبغة العمرانية، مما يستوجب –في حال شمول المنطقة عقارا فلاحيا- تغيير صبغة العقار تطبيقا للأحكام المتعلقة بتغيير استعمال الأراضي ذات الصبغة الفلاحية، مع ضرورة إدراجه بالسجل العقاري حتى يكون متوافقا مع القانون المذكور.

ولكن لا يكفي إثبات صفة المالك، فمن الضروري أيضا توفر المصلحة لدى المالكين لتكوين نقابة.

                       

الفقرة الثانية: المصلحة في تكوين نقابة

يمكن إحداث نقابة مالكين من تحقيق هدفين: الأول جماعي ويتمثل في تطبيق أمثلة التهيئة وتهيئة الطرقات الخاصة والثاني فردي يتمثل في تمكين الأفراد من إعادة البناء وضم او تقسيم الممتلكات وتوابعها مما يسمح باستغلال أمثل للعقارات.

ثم إن إنخراط المالك في هذه العملية سيأدي إلى تفادي انتهاج الإدارة سبيل انتزاع العقارات للقيام بعملية التهيئة، كما أن له انعكاسات مالية هامة على المالكين فكلما زاد الفارق بين سعر الأرض البيضاء مع ما يتبعها من تكاليف باهضة للمحافظة عليها وسعر الأرض الصالحة للبناء، كلما ازدادت رغبة المالكين في المشاركة في العملية.

إضافة إلى ذلك، فإن المنخرط لن يفقد عقاره بل سيبقى مالكا له، مما يتيح له إمكانية بيعه في أي وقت شاء.

يعد إحداث نقابة مالكين أيضا وسيلة لتدعيم المخزون العقاري بالأراضي الصالحة للبناء والرفع من قيمتها الشرائية لأن المالك غالبًا ما يواجه صعوبة في جعل أرضه صالحة للبناء.

ورغم ذلك، فإن مجمل النصوص القانونية المنظمة للنقابة لم تحدد النصاب القانوني الواجب توفره للشروع في إجراءات إحداث النقابة.

الفقرة الثالثة: النصاب القانوني 

وفقًا لأحكام الفصل 45 م.ت.ت.ت.،"يعود اقتراح تشكيل نقابة مالكين إلى "المالكين المعنيين" دون تحديد العدد و/أو المساحة، في حين أن النصاب القانوني في القانون الفرنسي يختلف حسب هدف النقابة، إذ يشترط القانون الفرنسي مصادقة جميع المالكين بالنسبة للنقابات الحرة وثلثيهم بالنسبة للنقابات التي تأذن السلطة الإدارية بتكوينها.

لم يحدد أيضا قانون التعمير لسنة 1979 وخاصة الفصل 48 منه، أي نصاب قانوني للشروع في إحداث النقابة مع الاقتصار على استخدام المصطلح العامة: "بمبادرة من المالكين".

في حين أقر الفصل 30 من مرسوم 10 سبتمبر 1943 أن "انضمام أغلبية الأطراف المعنية التي تمثل نصف مساحة الأرض على الأقل ضروري وكاف" مما يمنع أقلية غير نشطة من عرقلة تكوين النقابة.

لكن اشتراط إجماع المالكين المعنيين قد أدى إلى ندرة تواضع عدد النقابات التي تم إنشاؤها آنذاك، حيث يبدو أنهم غير متحمسون لتكوينها.

إن إجماع أغلبية المالكين من شأنه أن يضمن حسن سير عملية الإحداث، كما أنه سيسمح للمالكين بمواكبة سيرها وعدم إضرارها بحقوقهم.

لكن رفض المبادرة بإنشاء النقابة يبقى واردا في حال انعدام وجود مصلحة اقتصادية للمالكين كما في حالة انتقال الملكية إليهم بطريق الإرث، فالورثة الذين سينتقل إليهم العقار سيكونون متعددين ومالكين لمنابات ضئيلة، إضافة إلى انعدام الثقة تجاه مالكي أغلبية المساحات لن يشجعهم على الإنخراط مع باقي المالكين، مما يشكل عائقاً أمام هذه المبادرة.

يمكن حل إشكالية النصاب القانوني من خلال الجمع بين أحكام الفصلين 45 و49 م.ت.ت.ت. والفصل 14 من الأمر عدد 542 لسنة 1997 المؤرخ في 22 مارس 1997، حيث تقتصر اللجنة النقابية المكلفة بتمثيل النقابة على عدد ثمانية مالكين، في حين أن الجلسة العامة يديرها مكتب مؤلف من أربعة أعضاء غير أعضاء اللجنة النقابية، مما يجعل الحد الأدنى للنصاب القانوني هو اثنا عشر مالكًا، ثمانية منهم سيشكلون اللجنة النقابية - ولكن دون تحديد المساحة التي يملكها المالكون - الذين يجب أن يكونوا من ذوي الجنسية التونسية وغير محكوم عليهم بعقوبة جنائية طبقا لأحكام الفصل 22 (فقرة 2) من الأمر عدد 542.

يمكن تفسير موقف المشرع من عدم اشتراط توفر حد أدنى من المالكين لتحقيق النصاب القانوني برغبته في تشجيع إنشاء هذا الصنف من النقابات، فيكفي إبداء اثنا عشر مالكا رغبتهم في تشكيل نقابة للبدأ في إجراءات تكوينها.

وأخيرا، تجدر الإشارة إلى عدم اشتراط أي إجراء مسبق قبل تقديم مطلب إحداث النقابة من قبل الأفراد.

وأمام هذا الغموض يمكن القول بأن المشرع قد اختار منح السلطة الإدارية سلطة واسعة في إحداث نقابات المالكين. 

القسم الثاني : هيمنة دور السلطة الإدارية في إحداث نقابة المالكين

يتم التحقق من التدخل المفرط للإدارة على مستويين، أولا المستوى المحلي (الفقرة 1) وثانيا على المستوى المركزي (الفقرة 2)

الفقرة الأولى: دور محدود نسبيا للسلطة المحلية

يقتصر دور السلطة المحلية على عقد الجلسة العامة الإخبارية (أ) وتحديد منطقة تدخل النقابة(ب) وإنجاز بعض الإجراءات الإشهارية (ج)

أ- عقد الجلسة العامة الإخبارية

عملا بأحكام اللفصل 48 م.ت.ت.ت. "يتولى رئيس الجماعة العمومية المحليّة المعنية حسب مرجع النظر، وقبل اقتراح تكوين النقابة، إستدعاء المالكين المعنيين في جلسة عامة إخبارية بواسطة إستدعاءات شخصية أو إعلانات".

يتجلى من خلال هذا الفصل اختيار المشرع إشراك رئيس الجماعة العمومية المعنية في تكون  النقابة، وهو ما سيساهم بالتأكيد في نجاحها بفضل إطلاعه على التراتيب العمرانية لمنطقته وقد ترك له الاختيار بين الدعوة الشخصية للمالكين أو النشر.

لكن أحكام الفصل 48 المشار إليه لم تحدد شروط انعقاد هذه الجلسة العامة الإخبارية، حيث لم تنص على النصاب القانوني لانعقادها أو وجوب تحرير محضر يسجل فيه آراء المالكين ووجهات نظرهم بشأن مقترح الإحداث للإقرار بصحة انعقادها.

أمام صمت النص، سيكون لرئيس الجماعة العمومية المعنية سلطة واسعة لعقد هذه الجلسة العامة الإخبارية، حتى لو اتفقت أقلية من المالكين الذين يملكون نسبة ضئيلة من العقارات في منطقة تدخل النقابة، وهو ما يمثل فشلا معلناً لعملية الإحداث وانتهاكاً للصبغة التشاورية التي يجب أن تحرك مسار العملية برمتها.

علاوة على ذلك، لم ينص الفصل 48 م.ت.ت.ت. على حد أدنى لعدد الجلسات العامة الإخبارية، ثم إن مصطلح "الجلسة العامة الإخبارية" المستخدم بصيغة المفرد لن يسمح لرئيس البلدية سوى بتنظيم اجتماع واحد فقط تطبيقا لمقتضيات العصل المذكور.

لكن، حتى لو مكن المشرع السلطة المحلية أو الجهوية من آليات متعددة لمحاولة إحداث هذه النقابات، فإن الواقع قد أفرز تكوين (06) نقابات فقط طبقا لأحكام الفصل 45، وهو ما قد يعكس صعوبة إنشاء مثل هذه المؤسسات، ويبدو حسب السيدة آمال عويج مراد أنها ليست ضمن أولويات المجالس البلدية والمجالس الجهوية.

ويمكن تفسير تقلص عدد نقابات المالكين بتجنب البلديات الترخيص لنقابة لم يوافق جميع المالكين على الانخراط فيها وبنقص الموارد المالية والبشرية وتعقيد الإجراءات.

بالإضافة إلى عقد الجلسة العامة الإخبارية، يجب على السلطة البلدية أيضًا تحديد مجال منطقة تدخل النقابة.

ب- تحديد دائرة تدخل النقابة: غياب الإطار القانوني 

طبقا لأحكام الفصل 45 م.ت.ت.ت. (فقرة 3)، يعد رئيس الجماعة العمومية المحلية المسؤول عن تحديد دائرة تدخل النقابة عبر إقامة مثال تحديد المنطقة المعنية يضم جميع العقارات الراجعة للمالكين، لكن المشرع لم يفرض شروطًا موضوعية على رئيس البلدية لإعداد مثال لتحديد منطقة تدخل النقابة.

وطبقا لأحكام هذا الفصل يجب أن تكون العقارات المعنية مشمولة بمثال تهيئة عمرانية مما يعني أن تلك العقارات مهيئة وقريبة من الشبكات العمومية، وهو ما يسهل لاحقا حصول مالكيها على رخص بناء.

لكن الاشكال الذي قد يطرح نفسه في هذا المجال هو ما إذا كان بإمكان السلطة المحلية تأجيل الترخيص في إنشاء نقابة المالكين، في حال كان مثال التهيئة العمرانية للمنطقة قيد المراجعة؟

في هذه الحالة، يمكن للسلطة المعنية أن تأجل قرار إحداث النقابة على معنى أحكام 15 م.ت.ت.ت. الذي سمح للسلطة الإدارية المختصة بأن "ترجىء لمدة عامين على أقصى تقدير البت في مطالب الرخص المتعلقة بالتقسيمات والبنايات والتجهيزات أو العمليات" ويمكنها تعليل ذلك بكون العمليات المزمع تنفيذها من قبل النقابة كتقسيم الأراضي من  شأنها عرقلة تنفيذ مثال التهيئة المزمع إعداده أو أن ترفّع في تكاليف إنجازه.

وهو ما يشكل عائقًا كبيرًا أمام تطور عدد هذه النقابات، إذ لن تتاح للمالكين الذين يشمل مثال التهيئة العمرانية الخاضع للمراجعة عقاراتهم، الفرصة لاقتراح إحداث نقابة.

ج- القيام بإجراءات الإعلام

بمجرد تحديد دائرة تدخل النقابة، يقوم رئيس البلدية تطبيقا لأحكام الفصل 45 (فقرة 3) م.ت.ت.ت. بإعلام مزدوج للعموم عن إحداث النقابة وذلك عن طريق التعليق بمقر الولاية أو البلدية وعن طريق نشر إعلان بالرائد الرسمي ويتيح هذا الإعلام إبلاغ المالكين المعنيين والغير بصفة عامة لتقديم ملاحظاتهم أو اعتراضاتهم، لذا يجب أن يتضمن تحديدا لمنطقة تدخل النقابة.

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع لم يقر أي عقوبة في حال غياب الإعلام بتحديد منطقة تدخل النقابة، كما لم  يحدد أجلا معينا للقيام بالإعلام قبل انعقاد الجلسة العامة الإخبارية، لكن هذا لا يمنع من القول بأن القيام بهذه الشكلية سيفتح المجال أمام المالكين الرافضين لمبادرة الإحداث لتقديم تحفظاتهم كتابيا إلى رئيس البلدية حتى وإن لم يكن هناك نص قانوني يحدد آجال الإعلام ولا النتائج المترتبة عنه، لذلك يجب أن يكون أجل الإعلام  معقولا حتى يحصل علم المواطنون بتكوين النقابة ويتوفر لديهم الوقت الكافي لتقديم تحفظاتهم.

إن عملية إحداث الجمعية لا تخضع فقط لتدخل السلطة المحلية، بل تخضع أيضا لتدخل مفرط من السلطة المركزية.

الفقرة الثانية: التدخل المفرط للسلطة المركزية

يتجلى تدخل السلطة المركزية في إنشاء نقابة المالكين، في كون إحداثها لن يتم قانونا إلا بمقتضى قرار صادر عن الوزير المكلف بالتعمير (أ) وبعد اعتماد النقابة لنظام أساسي نموذجي (ب)

أ- تدخل الإدارة لتكريس وجود نقابة المالكين

يحق فقط للوزير المكلف بالتعمير، تطبيقا لأحكام الفصل 45 (فقرة 1) م.ت.ت.ت. إنشاء نقابة مالكين، وهو يتمتع بالتالي بسلطة تقديرية في المجال، ويلاحظ في هذا الصدد مرونة المشرع في مجلة التهيئة مقارنة بالتشريع السابق، حيث كان إحداث النقابة يتم بقرار مشترك صادر عن وزير الداخلية ووزير التجهيز (مجلة التعمير) وبقرار صادر عن المفوض العام للحكومة (أمر 10 سبتمبر 1943).

لكن هذا لا يزال يؤكد درجة المركزية في اتخاذ القرارات المتعلقة بنقابات المالكين بشكل خاص، وبالتهيئة العمرانية بشكل عام، على الرغم من بعض التحسينات التي أقرتها مجلة التهيئة الترايبة.

هذه السلطة التقديرية الواسعة الممنوحة للسلطة المركزية تسمح لها، لا فقط بتقدير مدى استيفاء النقابة للشروط التي يفرضها القانون بل تمنحها أيضا صلاحية اتخاذ القرار المناسب بإحداثها أو برفضه، مما يجعل من هذه السلطة التقديرية أحد أسباب فشل هذه المؤسسة، حيث لا شيء يمنع الإدارة من رفض إنشاء مثل هذه النقابات رغم تقديمها في سبيل ذلك موارد مالية هامة.

تتجلى هيمنة السلطة المركزية على إنشاء نقابة مالكين أيضا من خلال صياغة نظام أساسي نموذجي يتعين على هذه النقابات الالتزام به.

ب- إجبارية اعتماد نظام أساسي نموذجي

تجدر الإشارة بداية إلى أن اعتماد أنظمة أساسية نموذجية أصبح أمر دارجا من قبل السلط الإدارية، وغالباً ما يُنظر إليه على أنه وسيلة لفرض سيطرة الدولة على بعض الأنشطة الخاصة.

يأدي اعتماد هذه الأنظمة إلى الحد من القدرة على اتخاذ القرار بصفة شخصية  لدى الأعضاء الذين يجب عليهم اعتماد النموذج المقدم إليهم بحذافيره وهو يسمح للإدارة بممارسة رقابة مسبقة على تشكيل نقابات المالكين الراجعة لها بالنظر بهدف الحفاظ على المصلحة العامة.

وبالتالي، وللحصول على مصادقة الوزير المختص، يتعين على المالكين الإلتزام بالأنظمة الأساسية النموذجية التي تقدم غاليا في شكل نماذج مطبوعة يتعين ملئ "الفراغات" فيها.

بالنسبة للنقابة المالكين، لن يكون على الأطراف المعنية سوى كتابة تاريخ صدور قرار وزير التجهيز والإسكان بإحداث النقابة، تحديد الاسم المسند لها، تعيين مقرها الإجتماعي، ضبط المساحة الإجمالية لدائرة تدخلها، التنصيص على مثال التهيئة للبلدية وضبط توزيع الأصوات حسب المساحة التي يملكها كل مالك.

يتجلى من خلال ما سبق غياب أي إرادة مستقلة للمالكين تسمح لهم بأن يحددوا، حسب تقديرهم، البنود القانونية التي تحكم العلاقات القانونية التي تربط بين النقابة وأعضائها وبين النقابة والإدارة وبصفة عامة علاقات النقابة مع الغير.

إن اعتماد نظام أساسي نموذجي ملائم للإدارة التي ستقتصر على رقابة شكلية للوثيقة، حيث يكفيها مقارنة النظام الأساسي النموذجي للنقابة مع النموذج الذي أقره المشرع كما أنه يسهل مهمة المالكين الأعضاء.

يبدو من خلال القواعد المنظمة لإحداث نقابة المالكين أن الإدارة غير مقتنعة بعملية التهيئة هذه ويتجلى هذا من خلال مضاعفة تدابير الرقابة المسبقة، عدم كفاية التنظيم، إضافة إلى التعقيد في إجراءات إحداثها مما يؤدي إلى عدم ثقة المالكين في هذه المؤسسة، فهل ستمكن القواعد القانونية المتعلقة بتنظيمها وسيرها من تخفيف وطأة تدخل السلط العمومية بإعطاء المالكين المبادرة لتنظيم سير نقاباتهم بأنفسهم (الجزء الثاني) 


الجزء الثاني: القواعد المتعلقة بتنظيم وسير نقابة المالكين: غياب التجديد وتنوع الصلاحيات

خلافا للقواعد القانونية المنظمة لإحداث نقابة المالكين، تبدو قواعد تنظيمها وسيرها أكثر تفصيلا وإلماما بمختلف المهام الموكولة لها حيث تشارك في تسيير نقابة المالكين عدة هيئات تقليدية (القسم الأول) تتمتع بصلاحيات متنوعة تسمح لها بضمان سير عمل النقابة (القسم الثاني).

dourouby.tn

 

القسم الأول: تنظيم تقليدي لنقابة المالكين

من خلال دراسة جملة النصوص القانونية المنظمة للنقابة، نتبين وجود ثلاث هيئات رئيسية تشارك في تسيير نقابة المالكين تتمتع بصلاحيات تسمح لها بضمان سير عمل النقابة تتمثل في الجلسة العامة التي تضم جميع الأعضاء (أ) والهيئات التنفيذية (ب)

الفقرة الأولى: الجلسة العامة: الهيئة العليا للنقابة 

  الجلسة العامة هي الجهاز الأعلى للنقابة، وهي بمثابة الجهاز التشريعي فيها وهي هيكل جماعي لا تنعقد إلا بعد أن يتم دعوة جميع المالكين لحضورها ومن خلالها يعبر المالكون عن مصالحهم الجماعية فيتخذون قرارات معينة تكون نافذة وملزمة لجميعهم، المعارضين منهم والغائبين أو الذين تعذر عليهم الحضور وتختلف هذه القرارات باختلاف طبيعة الجلسة المعنية عادية أو خارقة للعادة، الأولى تنظر في كل شيء ما عدا تعديل النظام الأساسي في حين يتسنى ذلك للثانية.

يتجلى الاختلافات بين صنفي الجلسة العامة من خلال النصاب القانوني والأغلبية.

لقد اشترط المشرع توفر النصاب القانوني لقياس مدى التمثيلية في الجلسة: فالجلسات التي تضم عددًا كافيًا من الأعضاء فقط مسموح لها بالمداولة واتخاذ القرارات ويحدد هذا النصاب طبقا لمقتضيات الفصل 15من الأمر عدد 542 بـ "أغلبية أصوات المنخرطين الحاضرين والممثلين".

تأسيسا على ذلك، تتطلب شرعية الجلسة العامة عادية كانت أو خارقة للعادة إذن توفر نصاب يتمثل في أغلبية أصوات المالكين المنخرطين سواء حضروا بأنفسهم أو بطريق التمثيل.

وفي حالة عدم توفر النصاب، توجه دعوة ثانية خلال الخمسة عشرة يوما على الأقل وثلاثين يوما على الأكثر من التاريخ المحدد للجلسة العامة الأولى بالنسبة للجلسة العامة العادية وخلال واحد وعشرين يوما من تاريخ الجلسة الأولى بالنسبة للجلسة العامة الخارقة للعادة مهما كان عدد المنخرطين الحاضرين والممثلين.

أما الأغليبة فتمثل إحراز القرار على أكثر عدد من الآراء الإيجابية الداعمة له حتى يتم اعتماده، وقد وحد المشرع الأغلبية الواجب إحرازها لاتخاذ قرار ما مهما كانت طبيعة الجلسة العامة، حيث تتخذ القرارات خلالها بأغلبية أصوات المالكين المنخرطين الحاضرين والممثلين وتقاس هذه الأغلبية بحسب الأصوات المسندة لكل منخرط.

تجدر الإشارة إلى أن المشرع باعتماده أغلبية موحدة لاتخاذ قرار ما بغض النظر عن طبيعة الجلسة العامة، سعى لتجنب أي عرقلة لأعضاء النقابة، ولعله كان من المستحسن اعتماد أغلبية متباينة حسب طبيعة الجلسة العامة، خاصة وأن الجلسة العامة الخارقة للعادة تنظر في أغلب الأحيان في مسائل جد هامة كتحوير النظام الأساسي للنقابة الذي يعتبر ميثاق أعضاء النقابة.

ولكن لكي يتمكن كل عضو من ممارسة حقوقه والتعبير عن مواقفه، لابد من ضمان حقه في الحصول على المعلومات (أ) وحقه في التصويت (ب) 

أ- غياب الحق في الحصول على المعلومة

لم ينص المشرع على وجوب إعلام المنخرطين في النقابة، فطبقا لأحكام الفصل 7 (فقرة5) من الأمر عدد 542، لا يمكن لهؤلاء استيقاء المعلومات التي تمكنهم من اتخاذ قراراتهم أو التنسيق فيما بينهم مسبقا، بل فقط بمناسبة انعقاد الجلسة العامة.

وتتأكد هذه الفكرة بشكل أكبر لأن جدول أعمال الجلسة العامة أي قائمة المسائل التي ستناقشها، يضبط من طرف لجنة النقابة، ويمنع النقاش أو التداول إلا في المسائل المدرجة به.

علاوة على ذلك، وبالرجوع إلى الفصلين 17 و19 (فقرة 5) من نفس الأمر، نلاحظ أن الفصل الأول نص فقط على توجيه الدعوة لعقد جلسة عامة عادية لكل الأعضاء بواسطة مكاتيب مضمونة الوصول وإعلانات تعلق بمقر النقابة، في حين أوجب الفصل الثاني إرفاق الاستدعاء الموجه لكل منخرط لعقد جلسة عامة خارقة للعادة بجدول الأعمال‏.

يمكن تفسير هذا التوجه بطبيعة المواضيع المعروضة للنقاش خلال كلا الجلستين، حيث تختص الجلسة العادية العادية بالنظر في المسائل العادية كضبط معلوم الانخراط والمصادقة على برنامج التهيئة ومثال التقسيم، في حين تختص الجلسة العامة الخارقة للعادة بالنظر في مسائل أكثر خطورة كتحوير النظام الأساسي للنقابة أو حلها وهي مسائل تستوجب اجتهادا أكبر من جانب الأعضاء، لكن هذا الموقف لا يبدو وجيها، لأن الجلسة العادية العادية تختص بالنظر أيضا في مسائل على قدر كبير من الأهمية .

ومن ناحية أخرى، لا يمكن للأعضاء بعد دعوتهم وحتى انعقاد الجلسة العامة، توجيه أسئلة كتابية إلى الجنة النقابية فيما يتعلق بجدول الأعمال الذي سيقع التداول فيه، فقط أثناء الجلسة.

لكن الإمكانية الوحيدة المتاحة للأعضاء هي طرح أسئلة كتابية على لجنة النقابة والتي ستكون موضوعًا للنقاش والتداول خلال الجلسة العامة، بشرط أن يتقدم بها ما لا يقل عن ربع الأعضاء للجنة النقابة وذلك ثلاثين يوما قبل موعد انعقاد الجلسة وفقا لأحكام الفصل 12 من الأمر عدد 542.

إن فرض المشرع لهذه القيود لا تؤدي فقط إلى الحد من صلاحيات الأعضاء، بل إلى منع كل اعتراض من قبلهم.

ب- ارتباط الحق في التصويت بصفة العضوية

يقصد بالعضو مالك العقار أو منابات على الشياع داخل دائرة تدخل النقابة وغالبًا ما يقدم حق التصويت باعتباره أهم امتياز له، لكن النظام الأساسي لنقابة المالكين حدد عدد الأصوات في الفصل 13 (فقرة 3) منه، بين صوت واحد وثلاثة أصوات كحد أقصى حيث يسند لكل منخرط عدد من الأصوات يقابل مساحة عقاره أو مناباته المشاعة وقد ترك المشرع لكل نقابة أمر تحديد المساحة أو المنابات التي على أساسها يقع إسناد الأصوات للمالكين المنخرطين بها.

يقتضي التصويت حضور الجلسة العامة بصفة شخصية، ولكن يمكن للمنخرط وفقًا للفصل13 (فقرة 1) التصويت بواسطة من يمثله قانونا من بين المنخرطين أو بواسطة قرينه أو أحد أصوله أو فروعه الرشداء. ويترتب عن اعتماد قائمة حصرية للأشخاص المخول لهم تمثيل منخرط ما، أن المنخرط ليس حرا في تعيين ممثله القانوني، فلا يجوز له اختيار شخص آخر غير مدرج في تلك القائمة، ويمكن تفسير هذا التقييد برغبة المشرع في الحفاظ على خصوصية النقابات وسرية اعمالها.

كما أن وجود مالكين عاجزين أو قصر من بين المالكين يقتضي تمثيلهم، حيث يعبر هؤلاء عن أنفسهم عن طريق ممثليهم القانونيين الذين يعينهم قاضي التقاديم طبقا لأحكام الفصل 7 من الأمر الصادر في 18 جويلية 1957 المتعلق بترتيب تسمية المقدمين ومراقبة تصرفاتهم وحساباتهم. 

تجدر الإشارة أخيرا إلى أنه وقبل انعقاد الجلسة العامة يجب تشكيل مكتب يتكون من رئيس وثلاثة أعضاء يقع انتخابهم من قبل المنخرطين الحاضرين في الجلسة وذلك بالأغلبية النسبية مهمته إدارة الجلسة، ولا يجوز لأعضاء المكتب أن يكونوا من بين المرشحين لعضوية لجنة النقابة.

بعد التطرق إلى القواعد المختلفة التي تحكم هيئة المداولة، يتجه التطرق إلى الهيئات التنفيذية.

الفقرة الثانية: الهيئات التنفيذية 

تتمثل الهيئات التنفيذية لنقابات المالكين في لجنة النقابة (أ) ورئيس لجنة النقابة (ب).

أ- لجنة النقابة

حدد المشرع كيفية تكوين اللجنة وشروط انتخابها، كما حدد إجراءات انتخابها ومدة ولايتها. 

1- تكوين اللجنة وشروط انتخابها

تتكون لجنة النقابة من ثمانية أعضاء من بين الأعضاء المالكين الذين يجب أن تتوفر فيهم عدة شروط للقول بأهليتهم لإدارة النقابة من بينها أن لا يكونوا محكوم عليهما بأي عقوبة جنائية طبقا لأحكام الفصل 22 من الأمر عدد 542 المذكور.

وإذا كان هذا الشرط مبررا بالنظر للدور الذي تضطلع به هذه اللجنة، فإن شرط الجنسية لا تبرير له لأنه يمكن أن يعيق إنشاء نقابة بين أغلبية من المالكين الأجانب وتونسيين، علاوة على أن هذا الموقف يشكل نيلا من حق الملكية القائم أساسا على  الانتفاع بالعقار بجميع الأوجه، وبالتالي، لا يوجد ما يبرر استبعاد الأجانب من الانخراط في هذا الصنف من النقابات ومن أن يكونوا أعضاء منتخبين في اللجنة النقابية.

أخيرا، يمكن أيضا لشخص معنوي أن يكون عضوا في لجنة النقابة، بشرط تعيين شخص طبيعي لتمثيله تتوفر فيه بدوره شروط الأهلية المشار إليها.

2- إجراءات انتخاب لجنة النقابة ومدة ولايتها

يتم انتخاب أعضاء لجنة النقابة من قبل أول جلسة عامة عادية للنقابة وفقا لقاعدة الأغلبية البسيطة للمالكين المعنيين وقد حددت مدة العضوية طبقا لأحكام الفصل 49 م.ت.ت.ت. بسنتين قابلة للتجديد.

تنتهي العضوية في لجنة النقابة بانتهاء مدتها، كما يمكن أن تنتهي أيضا باستقالة العضو المعني، أو بعزله تبعا لتغيبه غير المبرر خلال ثلاث جلسات متتالية للجمعية العامة.

ب- رئيس لجنة النقابة

يتجه الملاحظة بداية، أن الأمر المنظم لنقابات المالكين لم ينص على إجراءات تعيين رئيس لجنة النقابة، التي تعتبر بمثابة العمود الفقري للنقابة، لكن لا مجال للشك في أن أعضاء النقابة هم من لهم صلاحية تعيين أو انتخاب رئيسها.

ويمكن التأكد من ذلك من جهة، من خلال الصلاحيات الممنوحة للجلسة العامة التي لا يمكنها إلا انتخاب أعضاء لجنة النقابة، ولا يمكنها بالتالي تجاوز صلاحياتها ومن ثم فإن للجنة النقابة وحدها أن تنتخب أو تختار من بين أعضائها عضوا ليتولى منصب رئيس النقابة.

يعتبر رئيس لجنة النقابة الممثل الرسمي المكلف بالنيابة عن نقابة المالكين لدى القضاء سواء كانت مدعية أو مدعى عليها، وكذلك لدى مختلف الإدارات العمومية والهياكل المعنية حسب ما ينص عليه الفصل 29 (فقرة 4) من الأمر عدد 542 وهو مخول للتصرف باسمها ولتنفيذ مقررات الجلسة العامة، كما يسهر على حسن سير النقابة. 

لكن ولئن لم يحدد المشرع إجراءات تعيين رئيس اللجنة فإنه في المقابل تتطرق إلى إجراءات عزله صلب الفصل 29 من الأمر المذكور حيث يتم إعفائه من وظائفه بطلب من ثلثي (2/3) أعضاء لجنة النقابة بعد موافقة رئيس الجماعة العمومية المحلية المعنية وإعلام أو جلسة عامة.

القسم الثاني: صلاحيات متنوعة لنقابة المالكين

تتمتع نقابة المالكين بصلاحيات متنوعة من أجل تحقيق الغرض من إنشاءها حددها المشرع مفصلا سواء بالنسبة للجهاز التشريعي للنقابة ممثلا في الجلسة العامة (الفقرة الأولى) أو بالنسبة لهيئات التنفيذ (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: مداولات الجلسة العامة

إن أهم قرارات الجلسة العامة بالنسبة للعضو هو أن يكون مالكًا لقطعة أرض بعد الدمج (أ)، ولكن عملية الدمج الاستثنائية هذه يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن للعضو تفاديها بسبب غياب حق التخلي (ب)

أ- الحق في تملك مقسم بعد دمج العقارات

من بين الأهداف التي تسعى النقابة إلى تحقيقها إعادة دمج العقارات (1) التي تخضع لإجراءات معينة (2) ويمكن أن تؤدي إلى التنازع (3)

1- إعادة دمج العقارات

يشكل دمج العقارات الذي تقوم به نقابة المالكين إحدى صلاحيات لجنة النقابة بموجب الفقرة الأخيرة من الفصل 51 والفصل 27 من الأمر عدد 542 (فقرة ز) عبر القيام بتحوير للعقارات مما يسمح بإعادة توزيع المقاسم بين الأعضاء يمكنهم إقامة بناءات سكنية عليها، وهي من هذا المنطلق بمثابة معاوضة للمقاسم.

فأعضاء النقابة يتنازلون عن جزء من عقاراتهم من أجل الحصول، بعد الانتهاء من عملية لدمج الأراضي، على قطعة أرض صالحة للبناء.

2- إجراءات دمج العقارات 

تبدأ هذه العملية بإقامة مشروع تجميع للأراضي من قبل لجنة النقابة التي تقترح "التعديلات الضرورية على حدود العقارات".

ويجب أن يتضمن هذا المشروع عادة حدود القطع المعاد تقسيمها، المساحات المخصصة للطرق والمساحات الخضراء وحقوق الارتفاق والتحملات المثقلة للقطع وقيمتها قبل الدمج، وذلك حتى يتمكن كل عضو من معرفة مقسمه.

يخضع مشروع ضم الأراضي كما تم تحديده، لمصادقة الجلسة العامة العادية ومن ثم لموافقة رئيس الجماعة المحلية المعنية ويترتب على الموافقة عليه تلقائيا نقل الحقوق العقارية والديون المثقلة على القطع والعقارات التي تم ضمها تبعا لعملية التحوير العقاري.

يتعارض هذا الحل الاستثنائي مع النصوص المنظمة للحقوق العينية التي تهيمن عليها الشكلية، لأن هذا النقل يتطلب، على سبيل المثال، موافقة الدائن المرتهن الصريحة بموجب كتب تكميلي تام الموجبات القانونية.

تجدر الإشارة أيضا، من جهة، إلى أنه عملاً بأحكام الفصل 377 (مكرر) من مجلة الحقوق العينية وإذا كانت عملية ضم العقارات تتعلق بعقار مسجل، فإن كتب المعاوضة يجب أن يحرر ممن له الصفة وإلا عد باطلا بطلانا مطلقا، وبالتالي، فإن موافقة رئيس البلدية ليست كافية لنقل الحقوق والتحملات على القطع التي تم ضمها، بل يجب استكمالها كتب تكميلي قابل للترسيم.

ومن جهة أخرى، يجب أن يخضع الكتب المحرر لشكلية التسجيل طبقا لأحكام مجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي، خلافا لما أقره المشرع الفرنسي في المجال حيث أعفى العقود والوثائق المتعلقة بعمليات الضم والتي موضوعها العقارات الصالحة لبناء محلات سكنى من معاليم التسجيل، شرط أن تكون هذه العمليات مرخصا فيها طبقا لمقتضيات النصوص المنظمة للتقسيمات .

3- النزاعات الناشئة عن دمج العقارات

ينجر عن تحوير العقارات الراجعة للأعضاء منحهم تعويضا، يحدد مبلغه "باعتبار قيمة قطع الأرض في تاريخ نشر مثال التهيئة ودون اعتبار القيمة المضافة الناتجة عن المضاربة أو الأشغال المهيكلة المنجزة أو المقررة ".

يبدو من خلال هذا الفصل أن المشرع تبنى هذا الخيار لتجنب أي مضاربة من جانب المالكين الأعضاء الناتجة عن أشغال التهيئة والتي أدت بالتأكيد إلى زيادة القيمة الشائية لعقاراتهم.

وبهدف توفير الضمانات اللازمة إنجاز هذه العملية، اختار المشرع أن تتولى لجنة يرئسها قاض مكونة من ثلاثة خبراء يعينهم على التوالي المالك المعني ورئيس الجماعة العمومية المحلية ورئيس المحكمة الابتدائية تحديد التعويضات، وفي غياب خبير معين من بين أعضاء لجنة النقابة خلق لمناخ يسوده الحياد والثقة حتى تؤدي النقابة مهامها في أحسن الظروف. وتتولى لجنة النقابة إعلام المالكين المعنيين أو من ينوبهم إن كانوا قاصرين أو غائبين بقيمة التعويضات أو الشوائط التي تسفر عنها عمليات المعاوضة برسالة مضمونة الوصول مع إعلام بالبلوغ.

يفتح هذا التبليغ للمالك أجل الاعتراض والقيام بقضية في مراجعة قيمة التعويض أو قيمة الشائط لدى المحكمة الإبتدائية الكائن بدائرتها العقار في ظرف شهرين، وبمرور هذا الأجل يعتبر قد قبل التعويض الممنوح له.

يجدر الملاحظة في هذا الصدد بأن المشرع قد أقر في الفصل 54 م.ت.ت.ت. أن المحكمة المختصة تنظر نهائيا في دعاوى مراجعة التعويض، وهو ما يعتبر مساسا بمبدأ الحق في التقاضي على درجتين، الذي يسمح لأطراف الدعوى بنقل النزاع إلى محكمة من الدرجة الثانية، وهي في هذه الحالة محكمة الاستئناف. 

يضمن هذا المبدأ، في الواقع، فحصًا جديدًا للنزاع من قبل المحكمة الأعلى، لكن المشرع لم تتبن هذا الموقف، غير أن ذلك لا يمنع المالك من الطعن بالتعقيب في الحكم الصادر.

رغم حرص المشرع على إحاطة هذه العملية بالضمانات القانونية اللازمة بهدف ضمان حق الملكية، فإن أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 7 من الأمر عدد 542 لا تمنح أي ضمان قانوني للمالك بالحصول على المساحة الدنيا اللازمة لإقامة بناية، لأنه إذا فشل في الحصول على المساحة الدنيا المستوجبة طبقا لقانون التهيئة العمرانية، فسيظل مصيره بين أيدي الأعضاء الآخرين الذين يمكنهم، بمحض إرادتهم قبوله كشريك لهم في ملكية مقسم على الشياع.

لكن هذا الحل سيبقى حبرا على ورق، فلا شيء يجبر باقي الأعضاء على أن يشاركوه جزءا من عقاراتهم لأن مثل هذه الاتفاقيات تقوم بالأساس على الاتفاق والتراضي والتشاور الحقيقي بين الأعضاء.

 وفي حالة الرفض، لم يفرض المشرع أي آلية ملزمة للأعضاء المنخرطين بقبول عملية المعاوضة، والأسوأ من ذلك أنه لم ينص على إجراء قانوني للطعن في عملية الضم، وبعبارة أخرى، قد يجد العضو نفسه بعد انضمامه إلى نقابة من هذا النوع "متخل" عن ممتلكاته، وهو ما سيعزز فكرة "الانتزاع المقنع".

إضافة إلى أن المشرع لم يضمن للمالك حصوله على قطعة أرض بعد الانتهاء من عملية ضم العقارات، بل عمق مأساته بحرمانه من التخلي عن عقاره.

ب- غياب حق التخلي

مكن المشرع في السابق صلب الفصل 53 (فقرة 2) من مجلة التعمير، المالك المعارض لإحداث النقابة، من التخلي عن عقاره في أجل شهر من تاريخ نشر قرار إحداثها، ويعرف حق التخلي بأنه: الإمكانية المتاحة لصاحب العقار الكائن داخل دائرة النقابة أن يطلب من هذه الأخيرة تملك بنائه بثمن يحدد بصفة ودية وفي حالة عدم التوصل لذلك يحدد الثمن من قبل قاضي الانتزاع.

يجد حق التخلي هذا تبريره بالأساس في السعي لضمان حق الملكية واحترام مبدأ إرادة الملاك.

يبدو أن المشرع بإحجامه عن منح المالك حق التخلي عن عقاره صلب في مجلة التهيئة والتعمير، سعى إلى منع كل أنواع المحاولات الاحتيالية بهدف زيادة سعر الأرض، من خلال الانخراط، في البداية في النقابة ثم الانسلاخ منها.

أسند المشرع إدارة نقابات المالكين إلى لجنة حدد التشريع صلاحياتها والتي يمكنها تفويض بعضها لرئيسها.

الفقرة الثانية: صلاحيات هيئات التنفيذ

عملا أحكام الفصل 27 من الأمر عدد 542 فإن "اللجنة النقابية تمثل الجلسة العامة"، غير أنه لا يجوز لها بأي حال من الأحوال التعدي على صلاحيات الجلسة العامة، حيث منحها المشرع العديد من الصلاحيات (أ) يجب عليها وبحكم القانون تفويض بعضها لرئيسها (ب)

أ- صلاحيات اللجنة النقابية

تتمتع اللجنة النقابية بصلاحيات تنفرد بممارستها، وقد حدد المشرع صلب الفصل 27 من الأمر عدد 542 صلاحيات اللجنة النقابية ومن بينها: استدعاء المنخرطين للجلسات العامة، وضع جدول الأعمال وإعداد التقريرين الأدبي والمالي في نهاية كل سنة مالية بالإضافة إلى دعوة الجلسة العامة العادية للانعقاد مرتين في السنة.

ومن أجل التعرف على صلاحيات اللجنة النقابية بشكل أفضل، يتجه التمييز بين الاتزامات التي تمارسها اللجنة بحرية (1)، المهام الخاضعة للترخيص (2) وأخيرا الاتفاقات المحظورة (3).

1- الالتزامات الحرة

عملا بأحكام الفصل 24 (فقرة 3) من الأمر عدد 542، هناك عمليات معينة "ناتجة عامة عن الالتزامات المبرمة بصورة قانونية وفقًا للفصل 8 من هذا النظام الأساسي، وكذلك العمليات التي تقوم بها النقابة بصفة عادية خارج أي اتفاقية خاصة".

يُقصد بالالتزامات المبرمة قانوناً العمليات اليومية التي تقوم بها النقابة بصورة عادية في إطار نشاطها، مثل قيام عضو اللجنة النقابية بدفع مساهمته فوفاء العضو بتعهداته لا يتطلب الحصول على إذن مسبق.

أما العمليات التي تقوم بها النقابة بصفة عادية خارج كل اتفاق خاص فنذكر من بينها تمكين اللجنة النقابية من التصرف في العقار أو المنابات ضمن حدود ومتطلبات برنامج التدخل وتعتبر هذه العملية عملية عادية لأنها مشابهة لتلك التي تقوم بها عادة نقابات المالكين من نفس النوع.

2- الأعمال الخاضعة للترخيص

يتجلى من خلال أحكام الفصل 24 (فقرة 2 و 3) من الأمر عدد 542 أن كل اتفاقية بين النقابة وأحد أعضاء اللجنة سواء مباشرة أو بصورة غير مباشرة أو بواسطة الغير يجب أن تخضع للترخيص فيها مسبقا من قبل لجنة النقابة".

تجدر الإشارة إلى أن مجال تطبيق الترخيص المسبق واسع جدا، حيث يشمل كل اتفاق بين النقابة وشخص اعتباري يكون لأحد أعضاء لجنة النقابة مصلحة فيه بشكل مباشر أو غير مباشر دون تحديد، فعلى سبيل المثال تقديم خدمة للنقابة من قبل أحد أعضاء اللجنة النقابية والتي سيستفيد منها، يتطلب الحصول على ترخيص صريح مسبقا من اللجنة.

3- الاتفاقيات المحجرة

وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 24 من الأمر عدد 542، تتمثل الاتفاقيات المحظورة في: الاقتراض من النقابة، طلب تسديد عجز حساب جار، ضمان الالتزامات الشخصية لأعضاء اللجنة، ومن خلال وضعه هذه التحجيرات، يسعى المشرع إلى ترشيد استخدام أموال نقابة المالكين من قبل أعضاء لجنتها.

حتى لو لم يقر القانون عقوبة عند خرق هذه التحجيرات، فإن تطبيق قواعد البطلان في القانون العام يكفي للحكم بالبطلان النسبي لهذه الاتفاقات لأن "القاعدة المنتهكة كان المقصود منها حماية مصلحة معينة، وهو بطلان يمكن إجاوته لاحقا من الجلسة العامة.

بما أن اللجنة النقابية هي هيئة جماعية فإنها ملزمة بتفويض صلاحياتها إلى رئيسها.

ب- صلاحيات رئيس اللجنة النقابية

خلافاً لما عليه الأمر بالنسبة لنقابات المالكين في ملكية الطبقات، فإن رئيس اللجنة النقابية لا يعد الوكيل القانوني للنقابة، بل يستمد صلاحياته من تفويض تقليدي تخوله له اللجنة النقابية كما يتجلى ذلك من خلال أحكام الفصل 29 (فقرة 2) من الأمر عدد 542.

ويُعرّف هذا التفويض التقليدي قانونا بأنه: "عقد يكلف به شخص شخصا آخر بإجراء عمل جائز في حق المنوب".

وبالتالي، فإن رئيس لجنة النقابة مكلف بإنجاز المهام المنصوص عليها في الوكالة الممنوحة له، ولا يجوز له أن يتجاوز المهام المحددة سلفا، فالوكالة هنا هي خاصة محددة طبقا لأحكام الفصل 1117 م.إ.ع.

لأجل ذلك، يحق لرئيس النقابة تمثيل نقابة المالكين أمام الجهات القضائية سواء كانت مدعية أو مدعى عليها.

يلاحظ أيضا، أنه وفقا لأحكام الفصل 29 من الأمر عدد 542، يمكن للرئيس القيام بجميع الأعمال اللازمة للحفاظ على مصالح نقابة المالكين، ويقصد بالمصلحة، أي تصرف يقوم به رئيس النقابة في إطار الهدف الاجتماعي للنقابة، مثل تحصيل الديون الناتجة عن اشتراكات الأعضاء بمختلف الوسائل القانونية، ما يقودنا إلى الاعتقاد بأن له صلاحيات واسعة للغاية. لكن على العكس من ذلك، لا يمكن لرئيس النقابة أن يتجاوز السلطات الممنوحة له من قبل لجنة النقابة، فالوكـيل مهما أطلقت يده ليس له أن يفويت عقار أو حق عقاري يفعل ما يأتي إلا بنص صريح، وبالتالي، لا يمكنه القيام بعمليات تتعلق بـ"شراء أو معاوضة العقارات المشمولة بدائرة تدخل النقابة" دون الحصول على ترخيص مسبق لقيام بذلك.

لذا، فإن الأمر متروك للجنة النقابة والجلسة العامة كي يحددوا معًا نطاق الصلاحيات الممنوحة لرئيس النقابة وحتى لا يخرج رئيس النقابة عن التصرف في حدود التفويض الممنوح له، لا يجب على الجنة النقابية أن تكتفي بتفويض ضمني استنادا إلى النظام النموذجي، بل على العكس من ذلك، يجب عليها تحرير حجة رسمية أو كتب خطي معرف عليه بالإمضاء تمنح بمقتضاه تفويضاً للرئيس ويتضمن المهام التي يجب عليه إنجازها.



الخاتمة


في ختام هذه الدراسة، يتجه القول بأن الأهداف التي سعى إليها المشرع بإشراك الأفراد في عملية التهيئة العمرانية من خلال إحداث مؤسسة نقابة المالكين تبدو صعبة التحقيق.

                 

والأسباب التي تحول دون تحقيقها عديدة:

أولا، تعاني القواعد التي تحكم نقابة المالكين من عدم الدقة، وبالتالي، في ظل غياب تحديد الأغلبية المستوجبة لإحداث هذا الصنف من النقابات، سيبقى الأفراد غير مهتمين بهذا الإجراء.

ثانياً، إن هيمنة الإدارة على إحداث نقابات المالكين والتي تتجلى من خلال السلطة التقديرية للوزير المختص، تجعل من الإجراء طويلاً ومعقداً، وهو ما يفسر العدد المتواضع نسبياً لهذه النقابات منذ صدور الأمر عدد 542 لسنة 1997 المتعلق بالمصادقة على النظام الأساسي النموذجي.

ثالثًا، يمكننا الإشارة إلى أنه في غياب امتيازات جبائية، فإن المؤسسة لن تكون فعالة على أرض الواقع.

وأخيرا، يشكل تنوع المهام الموكولة للنقابة عائقا أمام انتشارها، فهي لا تكتفي بإعادة توزيع المقاسم، بل تقوم أيضا بضم جميع الأراضي الكائنة في دائرة تدخلها بما في ذلك أراضي المالكين الذين لا يرغبون في البناء، وإنشاء عملية تهيئة عمرانية وتمويل التجهيزات اللازمة.

إن التساؤل حول مستقبل نقابات مالكي الأراضي يعتمد، من ناحية، على مبادرة أصحاب الأراضي الخاصة للمشاركة في عملية التهيئة العمرانية التي سيكونون هم المستفيدين الأخيرين منها، ولكنها لن تكون ممكنة إلا من خلال التوعية بأهمية دورها، لأنها لا تزال مجهولة لدى عامة الناس ومن ناحية أخرى، على تخفيف سلطة الإدارة، التي سيتعين عليها التخلي عن تدخلها المفرط من خلال تقديم إطار قانوني أكثر مرونة.


الفهرس

المقدمة 2

الجزء الأول: القواعد المنظمة لإحداث نقابة المالكين: عدم كفاية التنظيم وتدخل الإدارة 7

القسم الأول: غموض المبادرة الصادرة عن المالكين 7

الفقرة الأولى: ملكية عقار ذي صبغة عمرانية 7

الفقرة الثانية: المصلحة في تكوين نقابة 9

الفقرة الثالثة: النصاب القانوني 9

القسم الثاني : هيمنة دور السلطة الإدارية في إحداث نقابة المالكين 11

الفقرة الأولى: دور محدود نسبيا للسلطة المحلية 11

أ- عقد الجلسة العامة الإخبارية 11

ب- تحديد دائرة تدخل النقابة: غياب الإطار القانوني 12

ج- القيام بإجراءات الإعلام 13

الفقرة الثانية: التدخل المفرط للسلطة المركزية 13

أ- تدخل الإدارة لتكريس وجود نقابة المالكين 13

ب- إجبارية اعتماد نظام أساسي نموذجي 14

الجزء الثاني: القواعد المتعلقة بتنظيم وسير نقابة المالكين: غياب التجديد وتنوع الصلاحيات 16

القسم الأول: تنظيم تقليدي لنقابة المالكين 16

الفقرة الأولى: الجلسة العامة: الهيئة العليا للنقابة 16

ب- ارتباط الحق في التصويت بصفة العضوية 18

الفقرة الثانية: الهيئات التنفيذية 19

أ- لجنة النقابة 19

1- تكوين اللجنة وشروط انتخابها 20

2- إجراءات انتخاب لجنة النقابة ومدة ولايتها 20

ب- رئيس لجنة النقابة 20

القسم الثاني: صلاحيات متنوعة لنقابة المالكين 21

الفقرة الأولى: مداولات الجلسة العامة 21

أ- الحق في تملك مقسم بعد دمج العقارات 21

1- إعادة دمج العقارات 21

2- إجراءات دمج العقارات 22

3- النزاعات الناشئة عن دمج العقارات 23

ب- غياب حق التخلي 24

الفقرة الثانية: صلاحيات هيئات التنفيذ 25

أ- صلاحيات اللجنة النقابية 25

1- الالتزامات الحرة 25

2- الأعمال الخاضعة للترخيص 26

3- الاتفاقيات المحجرة 26

ب- صلاحيات رئيس اللجنة النقابية 27

الخاتمة 29


dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --