-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

التقسيم العقاري - دراسة قانونية



dourouby.tn

 



دراسة حول

التقسيم العقاري 

التقسيم العقاري _ دراسة قانونية

dourouby

 

 

مقدمة عامة

جزء أول: إنجاز التقسيم العقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاري

(1) تعريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف التقسيـــــــم العقاري

(2) المصادقة على التقسيــــــــــــــــــم العقاري

جزء ثان: جزاء مخالفة شروط التقسيم

(1) العقاب الجزائي

(2) الجزاء المدني وعلاقته بتحرير العقود


*********


من إعداد : هشام نجاح
محرر رئيس للعقود




مقدمة عامة: ـI



لقد أولى المشرع التونسي عناية خاصة ومركزة بالميدان العقاري وتجلت هذه العناية عبر النصوص القانونيّـــــة المتلاحقة التـــي جاءت إما منقحة للنصوص القديمة أو منشئة لقواعد قانونية جديدة وقد شملت هذه العناية ميدان التهيئة الترابية والتعمير.

فبالرغم من وجود المجلّة العمرانية المحدثة بالقانون عدد 43 لسنــــــــــــــــة 1979 المؤرخ في 15 أوت 1979 إلا أن تجاوز بعض فصولها من قبــــــل الزمن والإشكاليات اللتي برزت على مستوى التطبيق جعل المشرع يتدخل بمقتضى القانون عدد 122 لسنة 1994 المؤرخ في 28 فيفري 1994 والمتعلق بإصدار مجلّة التهيئة الترابية والتعمير.

كما شهدت النصوص المنظمة للبعث العقاري تطورا من خلال القانون عدد 17 لسنة 1990 المــــــــــــــؤرخ فـــــــــــــي 26 فيفري 1990 المتعلّق بتحيين التشريع الخاص بالبعث العقاري والقانون عدد 62 لسنة 2009 المتمم له .

وبما أن هاته المجلّة جاءت منظمة لعديد المجالات منها رخص البناء ودوائر التدخل العقــــــــــــــــــــــــــــاري والتقسيم العقاري ونظرا لكثرة هذه المجالات وتشعبها وارتباط المجلّة إرتباطا وثيقا بالتعامل على السجل العقاري إرتأينــــــــــــا أن يقتصر بحثنا هذا على بيان كيفية انجازالتقسيم العقاري (جزء أول)ثم سيتم التعرض في( جزء ثان) إلى جزاء مخالفة شروط التقسيم.



الجزء الأول:إنجاز التقسيم العقاري ـII

لقد سبق أن ذكرنا أن المشرع التونسي أرسى نظاما قانونيا شاملا للتقسيم العقاري وذلك بأن عرفه ورســــــــــــم حدوده وبين كيفية إنشائه والمصادقة عليه ثم تعرض في مرحلة لاحقة إلى الآثار القانونية المترتبة على المصادقة.


فقرة أولى: تعريف التقسيم العقاري:

dourouby

 

 

 

dourouby

التقسيم لغة هو مصدر قسم أي جزء وفرق وقانونا نوعان تقسيم فني وتقسيم حكمي.

1ـ التقسيم الفنـــــــــــــــــــــــي:

بأنه :(les lotissements) عــــــــــــرف الفصل 58 من مجلّة التهيئة الترابية والتعمير في فقرته الأولى، التقسيم

"كل عملية تجزئة قطعة أرض إلى مقاسم يساوي عددها ثلاثة أو أكثر معدة بعد التهيئة لبناء محلات سكنية أو مهنية أو صناعية أو سياحية أو تجهيزات مشتركة إجتماعية وثقافية حســــــــــــــــــب مقتضيات هذه المجلّة".

والواضح من هذا التعريف أن عملية التقسيم تتأسس على ثلاثة عناصر:

أ- أن تقع تجزئة الأرض إلى عدة مقاسم ثلاثة فأكثر أما إذا أفرزت عملية التجزئة مقسمين فقط فـــــــــــــإن المشرع صلــــب الفصل 58

Morcellement” بل اعـــــتبرها إفـــــــــراز قطعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة lotissement لم يعتبرها تقــسيما "

إلا أنه بالرغم من ذلك أخضع هذه العملية للمصادقة المسبقة من قبل رئيـــــــــــــــــــــس البلدية أو الوالي حسب مرجع النظر

سواء كان ذلك عن طريــــــــــــــــــــــــــــق Amenagement ب- أن تكون الغاية من التجزئة هي التهيئة

الوكالات العقارية الثلاثة أو الباعثين العقاريين أو الخواص.

ج- أن تكون الغاية من التهيئة بناء محلات سكنية أو مهنية أو صناعية أو سياحية أو تجهيزات مشتركــة إجتماعية و ثقافية .

و ما يعاب على المشرع التونسي في هذا المجال هو تنظيمه للتقسيم الأفقي دون أن يشمل الفصــــــــــل 58 للتقسيم العمودي و هو ما خلق ثغرة صلب مجلة التهيئة الترابيية و التعمير سيستغلها لاحقا الخــــــواص و الباعثين العقاريين في التقسيمات العمودية من خلال إيـداع ملفات ترسيم تقسيمات عموديـــــــــــــــــــــــة دون الإدلاء بما يفيد المصادقة على تلك التقاسيم مما رتب عديد التجاوزات من قبل الباعثين العقارين الشــــيء الـذي جعـــــــــــل الإدارة تتدخل و تصدر مذكرة عمل في الغرض (عدد 10 لسنة 2018) أكدت من خلالها على المطالبــــــــــــــــــــــــــــة بشهادة في إنتهاء أشغال غير متضمنــــــــــــة لأي تحفظ حتى يقبل التقسيم المجرى من قبل الخبير المعتمد في المساحة.


2ــ التقسيم الحكمي:

إلى جانب التقسيم الفني الذي تعرضنا إليه سعى المشرع التونسي إلى إدماج بعض العمليات التي لا تعتبر تقسيمـا بالمفهوم الفني تحت طائلة المجلة و اعتبرها تقسيما و ذلك صلب الفقرات 4 و 5 و 6 من الفصل 58 و تتمثل هـــــذه العمليات في:

* الإيجار أو البيع الذي يهدف إلى إعادة تجزئة القطعة إلى جزئين في أقل من 10 سنوات بعد تجزئة أولى إن لم تكن هــــــــذه تقسيما.

و من هنا نستنتج وجوب توفير شرطين لكي تعتبر العملية تقسيما و هما أن يتم البيع أو الكراء قبـــل 10 سنــوات من تاريخ التجزئة الأولى و أن تكون هذه الأخيرة في شكل تجزئة وقعت المصادقة عليها و وقـــــــــع إنجازها.

* بيع جزء أو أجزاء مشاعة من عقار معد للبناء حسب التراتيب الجاري بها العمل و ما يستغرب في هـــــــذا النوع مــــن التقسيم الحكمي هو إقتصار المشرع على عملية البيع و حصر هذا الأخير في نطاق عقار معــــــــد للبناء، فهل أن هـــــذا الحصر مقصود من قبل المشرع ؟ و ما هو مآل التفويتات الأخرى التي لا تدخــــــــــــــــــــل تحت طائلة البيع ؟ سوف نرجـــــــــــــــــئ الإجابة عن هذا التساؤل عندما نتعرض إلى الجزء الثاني.

وتجدر الإشارة إلى أن إدارة الملكية العقاريّة دأبت على عدم تسليط رقابة على التقسيم الحكمي ويعود ذلك ربما إلى أن البطلان الذي أقره المشرع التونسي هو بطلان نسبي وليس بطلانا مطلقا وأن أي بيع ينتج آثراه ما لم تقضي المحكمة ببطلان البيع.

كما أن المشرع لم يحجر صراحة على إدراة الملكية العقاريّة ترسيم عقود البيع على الشياع المخالـــــــــــــــــــــــــــــــــف لمقتضيات التقاسيم.

إلى جانب هذا الحرص نرى أن المشرع التونسي قد ضيق من هذا النوع من التقسيم وذلك بأن استثنــــــــــــــــى بصريح النص.

- إنتقال الملك بالإرث.

- بيع منابات على الشياع من عقار من شأنه عدم الترفيع في عدد المالكين.

dourouby

 

 

فقرة ثانية: المصادقة على التقسيم :

نص الفصل 60 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير في فقرته الأولى أنه:" لا يمكن إنشاء تقسيمات إلا داخل المناطق التي يشملها مثال تهيئة عمرانية أو مثال تهيئة تفصيلي إن وجد أو داخل المناطق المحددة وفق مقتضيات الفصــــــــــــــل 14" وهــــــــــــــي المناطق التي تقتضي إعداد مثال تهيئة عمراني بقرار من والي المكان يقع تعليقه بمقر البلدية المعنية

ويقع الإعلان عنه عن طريق وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة وبالتالي فإن إنشاء التقسيم لا يمكــــــــن أن يتــــــم خارج المناطق الثلاثة التي حددها الفصل 60 المذكور وفي ذلك تضييق يمكن أن يفهم على أساس المحافظة على الأراضي الفلاحيّة.

وعلى طالب التقسيم أن يقدم مطلب في الغرض صحبة ملف مكون من عدة وثائق إلى جانب كــــــــــــــراس الشروط، ومثــــــــــال تقسيمي (يقع ضبطها بقرار من الوزير المكلف بالتعمير طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصـــــل 59 من المجلة).

ويعرض هذا الملف للمصادقة إما على رئيس البلدية إذا كان العقار كائنا داخل منطقة بلديـــة أو علـــــــــــــى الوالي إذا كان العقار خارجها طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 59 الذي بدوره يعرض الملف علــــى لجنة فنية تضبط تركيبتها وطـــــــــــرق سيرها بقرار من الوزير المكلف بالتعمير لإبداء الرأي فيه.

إلا أنه تجدر الملاحظة إلى أن الفصل 59 فقرة ثانية أشار إلى أن صيغ المصادقة على التقسيم وطرقها تضبط بقرار من الوزير المكلف بالتعمير،وبمجرد المصادقة على التقسيم تترتب عدة آثار تتمثل في:

أ- نص الفصل 66 من المجلّة على أنه:" ينتهي العمل بالتراتيب المتبعة بتقسيم حظي بالمصادقة بعد إنقضـــــــــــاء 10 سنوات من تاريخ تلك المصادقة إذا ما وقع التنصيص على ذلك بكراس شروط التقسيم".

إذا لا بد من إحترام التراتيب التي يتضمنها التقسيم لمدة 10 سنوات إبتداءا من تاريخ المصادقة لكن ممــــــــــــــــــــــا يستغرب من المشرع أنه أوجب التنصيص على ذلك صلب كراس الشروط.

فما الغاية من ذلك طالما أنه مــــــــــــن المبادئ التــــــــي يرتكز عليها القانون المبدأ القائل بأنه لا يعذر الجاهل بجهله للقانون وكذلك طالما أن مدة فاعلية تراتيب التقسيم إنما شرعت لفائدة التقسيم نفسه ولتفادي تعارض هذه التراتيب مع تراتيب التقسيمات المجاورة و مع التراتيــــــــــــــــــب العمرانية اللاحقة.

-ب- تولي ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط أو الخبراء في المساحة المعتمدين تحديد المقاسم التي يفرزهــــــــــــــا التقسيم وإقامة مثال خاص لكل مقسم عملا بأحكام الفصل 360 من مجلّة الحقوق العينية.

-ج- تنظيم الإشهار للبيع أو التسويغ إذ حجر الفصل 63 من المجلّة: القيام بأي إشهار قصد بيع وتسويغ الأراضي أو المباني التي شملها التقسيم قبل المصادقة عليه.

وفي منع الإشهار منع لإبرام العقود وهذا منطقي وضروري حتى يتسنى للمشرع السيطرة على الخريطة العمرانية للبلاد التونسية وتنفيذ سياسته التنموية.

- د- تضمن الفصل 67 في فقرته الأولى أنه: تدمج الطرقات والمساحات الخضراء والساحات العموميــــــــــــــــــــــــــة والمساحات المخصصة للتجهيزات الجماعية بمجرد المصادقة على التقسيم في الملك العمومي أو في الملك الخاص التابع للدولة أو للجماعة العمومية المحلية.

أي أن عملية الإدماج آلية فبالإعتماد على الفصل 22 مكن مجلّة الحقوق العينية وعلى مجلة التهيئة فإنه بمجرد المصادقة على التقسيم تدمج هذه المساحات، لكن يبقى الإشكال قائما في خصوص تجسيد هذه القاعدة على الصعيد الواقعي خاصة فيما يتعلّق بالعقارات المسجلة ففي هذا الإطار نص الفصل 67 فقرة ثالثة ورابعة علـــى أنه:

" فــــــــــــي صورة شمول التقسيم لعقار مسجل فإنه يتعين على ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط أن يوجــــــــه لإدارة الملكية العقاريّة أمثلة القطع المدمجة بالملك العمومي أو الخاص للدولة أو الجماعة العمومية المحلية وذلك بمجرد الإنتهاء من عمليـــــة وضع علامات التحديد المتعلّقة بها ويتعين على إدارة الملكية بالإعتماد على الأمثلة الموجهة لها من طـرف الديوان المذكور إستخراج القطع المدمجة من رسمها الأم و إحداث رسوم عقارية جديدة لها بإسم الدولة أو الجماعة العمومية المحلية المعنية .

إلا أن الحل يبقى دائما تشوبه عدة نقائص و صعب التطبيق إذ كيف يتسنى لإدارة الملكية العقارية معرفة نوعية الملك المراد إدماجه (ملك عمومي ملك خاص) أو الجهة المستفيدة من ذلك (الدولة البلدية الولايــــــة) لذا يتعين على ديوان قيس الأراضي و رسم الخرائط أن ينسق عمله مع إدارة الملكية العقارية و ينص صلب كل مثال لقطعة سيقع إدماجها على نوعية الملك و الجهة المستفيدة من ذلك أو أن يبعث مع المثال جدول إحالـــــة يتضمن هذه البيانات (الفصل 67 مــــن م. ت. و.ت إرسال:

الأمثلة الهندسية (مثال نقل الملكيــــــــة).

نسخة من قرار المصادقة على التقسيم

جدول إحالة يتضمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن :

الإستعمال المخصص للقطـــــــــــــــــــــــــــــــــــع

نوع الملك

المستفيد من الترسيم

هـ- إنجاز أشغال التهيئة : تضمن الفصل 63 في فقرته الثانية : لا يمكن بيع الأراضي أو تسويغها أو تشييـــــــــد المباني فوقها إلا بعد إنجاز أشغال التهيئة المنصوص عليها بكراس شروط التقسيم .... :

و غاية المشرع تبدو واضحة في السيطرة على النسيج العمراني للبلاد لكن كأننا بالمشرع يتراجع عن هــــــــــذه الغاية و ذلك صلب الفصل 64 الذي أورد العديد من الإستثناءات التي من شأنها أن تضعـــــــــف إن لم نقل تعدم القاعدة التي أراد إرسائها في الفصل 63 حيث أعفى الدولة و الوكالات العقارية و الجماعـــــــــــــــــات العمومية المحلية و الباعثين العقاريين المتدخلين في نطاق القانون عدد 17 لسنة 1990 و المقسم الذي يقوم بإنجاز الأشغال الأولية للتهيئة و يطلب الترخيص له في تأجيل إنجاز الأشغال النهائية قصد تفادي تدهــــــــــــــــــــور الطرقات و حافاتها أثناء تشييد البناءات.

فما الغاية من إعفاء الدولة و الوكالات العقارية و الجماعات العمومية المحلية و الباعثين العقاريين و نحــــن نعلم أنهم أكثر المؤسسات ممارسة لعمليات التقسيم.

كل هذه القواعد تبدو واضحة و جلية لكن لابد من توفير الوسائل القانونية اللازمة و ذلك لضمان حسن تطيبقها لذا نرى المشرع سعى إلى ترتيب عقاب جزائي وعقاب مدني .

dourouby

 

   

dourouby

 

ـ الجزء الثاني: جزاء مخالفة شروط التقسيم العقاري III

يتجلى هذا االجزاء على صعيدين :

فقرة أولى: العقاب الجزائي :

نص الفصل 76 من المجلة على أنه " كل مالك أو باعث عقاري يقوم بإنجاز تقسيم غير مصادق عليه أو بيع مقاسم منه يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 16 يوما إلى 03 أشهر و بخطية تتراوح بين (500) دينـــــــــــــــــــــارا و (2000) دينارا أو بإحدى العقوبتين فقط و في صورة العود يصبح العقاب بالسجن متحتما " فالجريمة حسب هذا الفصل تتمثل في إنجاز تقسيم غير مصادق عليه أو بيع مقاسم منه و المراد بالتقسيم هنا هو التقسيم كمـــــا عرفه الفصل 58 أي التقسيم بنوعية الفني و الحكمي بحيث أن العنصر المادي للجريمة لا ينحصر فقط فـــــــــــــي تجزئة أرض دون مصادقة بل أيضا في العمليات القانونية التي اعتبرها الفصل 58 تقسيما حكميا وتتمثل في :

-كل إيجار أو بيع يهدف إلى إعادة تجزئة قطعة إلى جزئين فيى أقل من 10 سنوات بعد تجزئة أولى ان لم تكن هــــــــــذه تقسيما .

-كل بيع لجزء أو أجزاء مشاعة من عقار معد للبناء إلا إذا كان من شأن البيع الترفيع في عــــــــــــــــدد المالكيـــــــــن.

و من هنا يمكن أن نستنتج أن الركن المادي للجريمة لا يتوفر في الحالات التالية :

*حالة الهبة و المعاوضة و المساهمة التي تهدف إلى إعادة تجزئة قطعة إلى جزئين أقل من 10 سنوات بعـــــــد تجزئة أولى لأن الفصل 58 لم يذكر هذه العمليات و لم يعتبرها تقسيما و اكتفى بذكر عمليتي الإيجار و البيع فقـــــط.

حالة الهبة و المعاوضة و المساهمة و الإيجار التي تتعلق بجزء أو أجزاء مشاعة من عقار معد للبناء و لــــــــــو كان من شأن هذه العمليات الترفيع في عدد المالكين لأن الفصل 58 لم يذكر هذه العمليات و لم يعتبرهـــا تقسيمات و اكتفى بذكر عملية البيع فقط.

*حالة البيع لجزء أو أجزاء على الشياع من عقار فلاحي أو من عقار مبني و لو كان من شأنه الترفيع في عدد المالكين لأن الفصل 58 لم يعتبر تقسيما إلا بيع الأجزاء المشاعة من عقار معد للبناء .

فطالما تعلق الأمر بقاعدة جزائية فإن التأويل في هذه الصورة يكون ضيقا و بالتالي لا يمكن التوسع في الركن المادي للجريمة بالرغم من أن نية المشرع تبدو واضحة في تجريم كل عملية نقل للملكية على الشياع مــــن شأنها أن تزيد في عدد المالكين أو كل عملية تهدف إلى إعادة تجزئة قطعة إلى جزئين أقل مــــن 10 سنوات بعد تقسيم أول

لذا تبدو الحاجة ملحة لتدخل المشرع و تنقيح الفصل 58 حتى يحقق الأهداف المرجوة من إصداره لمجلــــة التهيئة الترابية والتعمير.

dourouby

 

 

فقرة ثانية : الجزاء المدني وعلاقته بتحرير العقود:

جاء الفصل 78 ناصا على بطلان العقود كجزاء لمخالفة قواعد التقسيم و ذلك فــــــــــــــــي فقرته الأولى " يجـوز للمشترين أو للمتسوغين المتضررين أو للبلدية أو للولاية حسب الحال و للوزارة المكلفة بالتعمير فـــــــــي جميع الحالات المطالبة ببطلان عقود البيع أو التسويغ بسبب عدم مراعاة الأحكام المتعلقة بالتقسيم أو بكـــــــــــراس الشروط و يكون ذلك على نفقة البائع أو المسوغ بصرف النظر على التعويضات المدنية ".

و البطلان هنـا وإن لم يبين النص صراحة طبيعته (بطلان مطلق أم بطلان نسبي) إلا أنه بالتمعن فــــــي مضمون النص يتبين لنا أنه نسبي لسببين:

إن النص استعمل عبارات " يجوز المطالبة بالبطلان " و هي عبارات إمكانية و احتمال تتلائم مع البطلان النسبي و ليست عبارات وجوب و جزم تتلائم مع طبيعة البطلان المطلق.

النص أورد قائمة حصرية في الأشخاص الذين يجوز لهم المطالبة بالبطلان و هم: المشتـــــــري و المتســــــــــــــــــــــــــوغ و البلدية و الولاية و الوزير المكلف بالتعمير على عكس البطلان المطلق الذي يمكن إثارته من كل من لـــه مصلحة دون حصر .

و مـــــــــن هنا يتبين أن عقود البيع و التسويغ المخالفة لمقتضيات التقسيم تنتج آثارها تجاه الأطراف و الغير طالما لم يقضى ببطلانها

و من ضمن الغير نجد إدارة الملكية العقارية فهل يجوز لها رفض ترسيم هذه العقود ؟

لقد درجت إدارة الملكية العقارية على ترسيم هذه العقود و ذلك لعدة أسباب :

1) أن البطلان الذي تضمنه الفصل 78 هو بطلان نسبي وبالتالي لا يجوز لها اثارته من تلقاء نفسها طالما لم تذكر ضمن القائمة الحصرية للفصل المذكور.

2) أن المشرع لم يحجر صراحة على إدارة الملكية العقارية ترسيم هذه العقود كما سبق له أن فعل بالنسبــــــــــــــــــــة للعقود التي لا تتضمن التنصيص على عدد رخصة الوالي وتاريخ تسليمها (الفصل 2 مــــــــــــــن 4 جوان 1957 المتعلّق بالعمليات العقاريّة في الأراضي الفلاحية).

3) أن التحقيقات التي تباشرها إدارة الملكية العقاريّة هي تحقيقات مكتبية تتم على ضوء بيانات الوثائــــــــــــــق المُدلى بها للترسيم وعلى ضوء بيانات الرسوم العقارية وهذه البيانات لا تشمل تخصيص العقــــــار الذي يربطه المشرع بأمثلة التهيئة العمرانية ولم يجعل منه بيانا وجوبيا لا في الوثائق المُدلى بها ولا في الرسوم العقاريّة.

كما أن القانون عدد 87 لسنة 1983 المؤرخ في 11 نوفمبر 1983 تعرض في فصله 12 إلى منع وإبطال كل عمل يومي يؤدي إلى تجزئة العقار الفلاحي لما في ذلك من تأثير سلبي على الصيغة الفلاحيّة للعقارات حيث نص:

"تعتبر باطلة بطلانا مطلقا كل الوثائق والعقود والتقاسم وكل العمليات العقاريّة الأخرى التي تقام خلافا لهذا القانــــــــــــــــــــــون"

وتعددت القراءات لهذا الفصل لكن حسب رأينا فإن المنع المتحدث عنه في هذا الفصل له علاقة بالتجزئــــــــــة كتقسيم وكل العقود والوثائق المؤسسة عليه كبيع المقسم مثلا فهي باطلة بطلانا مطلقا ولا يمتد هذا البطلان إلى كل العقود لمجرد تعلقها بعقار فلاحي فالمنع هنا منحصر بالتقسيم لا بتجزئة القطع ( Morcellement) .

و القراءة المرنة و الموســـــــــــــــعة لــــــــــــــــــــــــــــهذا القــــــــــــــــــــانون تـــــــــــــــــــــــــــــؤدي إلى عــــــــــــــــــــدم الممـــــــــــــــــانعة في تقـــــــــــــسيم أو قــــــــسمة أو تــخصيص الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعقار الفلاحي

طالما كان مستعملا في نطاق فلاحي .

و قد طرح التساؤل حول تعمد محرري العقود إلى تحرير كتائب مخالفة لأحكام قانون عــــــــــــــــــــــــــــــــــدد 87 المؤرخ 11نوفمبر1983 ثم ينصون صلب العقد على إعفاء حافظ الملكية العقارية من الوصف و التشخيص و التحديد .

و قد ذهبت إدارة الملكية العقارية إلى الأخذ بعين الإعتبار هذا الإعفاء قصد إكساء موضوع البيع بالصبغة الفلاحية دون الصبغة السكنية (موضوع الإعفاء) و بالتالي ترسيم العقود و تجلى ذلك من خلال المكتوب الموجه إلى الإدارة الجهوية للملكية العقارية بسوسة في 15 أفريل 2019 تحت عدد 219/795 المتعلق بتجاوز أسباب رفض ترسيم بيع بالرسم العقاري عدد 107017 سوسة .

وبالرغم من جواز ترسيم هذه العقود إلا أن الأمر يختلف بالنسبة لتحريرها فقد طرح الجدل بالنسبة لمحرري العقـــــــــــــود المنصوص عليهم صلب الفصل 377 مكرر من مجلة الحقوق العينية ولا يزال إلى الآن قائما فهناك من يقبل التحرير وهناك من يرفضه إلا أن الرأي عندنا هو عدم جواز تحرير العقود المخالفة لأحكام التقسيم العقــــاري فبالرغم من أن المشرع لم يحجـــر ذلك صراحة وبالرغم من أن محرر العقد يقتصر تحقيقه على البيانــات الواردة بالرسم العقاري إلا أنه بالإمكان تحريك ركن المسؤولية في جانبه لأنه لم يسعى إلى تطبيق القانــــــــــون أي أحكام مجلّة التهيئة الترابية والتعمير.

فكيف يقبل أن يحرر عقدا يعرف بإمكانيّة إبطاله مسبقا، فإذا لم يحترم محرروا العقود أحكام المجلّة فمـــــــن ننتظر أن يحترمها؟ و ماهي الجدوى من سنها؟ كما أنه كيف يقبل على نفسه أن يحرر كتبا يمكن أن يــــــــــــؤدي بصاحبه إلى السجن ألا يعتبر في هذه الصورة مشاركا في الجريمة.

لذا، وجب عليه قبل بدأ عملية التحرير التثبت جيدا خاصة من صبغة العقار وذلك بأن يطلب من أطراف التعاقد مده بشهادة في ذلك تسلم لهم من طرف رئيس البلدية أو الوالي حسب مرجع النظر وإذا تعلّـــق الأمر بتقسيم وجب مده بقرار المصادقة عليه وبمحضر المعاينة المنصوص عليه صلب الفصل 73 وكذلك برخصة في إنتهاء الأشغال المنصوص عليها صلب الفصل 74.



من إعداد هشام نجاح
محرر رئيس للعقود

 

dourouby

dourouby

 

dourouby

 

dourouby

 




dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --