-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

التحايل في الترسيم



dourouby.tn

 








 التحايل في الترسيم
 

التحايل في الترسيم



 إعداد:  معز التومي
 محرر عقود بالإدارة الجهوية للملكية  العقارية نابل



يعني التحايل على القانون استعمال أسلوب خادع بسوء نية للحصول على ميزة معينة أو الإضرار بالغير . ويعرفه بعض الفقهاء بكونه التدبير الإرادي لوسائل مشروعة في ذاتها للوصول بها إلى أغراض غير مشروعة أو إستعمال وسائل غير مشروعة لبلوغ هدف مشروع ويتم ذلك بالانحراف بالقاعدة القانونية عن مقاصدها الشرعية ، و قد إستعمل الفقهاء الحيل في إطار إجتهادهم لتطوير القانون المدني وتم إيجاد حلول لعديد الاشكاليات و تركيز عدة مؤسسات قانونية مثل التبني الذي يمثل أبوة افتراضية يترتب عنها للطفل المتبنى جميع حقوق الابن الشرعي وكذلك الوصية الواجبة و عقد التنزيل الذين يتقرر بمقتضاهما للاحفاد المحرومين نصيب في إرث جدهم المتوفي . ويظهر التحايل في الترسيم باستخدام وسائل احتيالية لتحقيق مصلحة مشروعة هي ترسيم الصك بالسجل العقاري أو غير مشروعة بمنع ترسيمه أو تجميد الرسم العقاري اضرار بحقوق بقية المالكين أو الغير و خاصة الدائنين . ان العبرة في تقدير التحايل في الترسيم لا تكون بتتبع النية في التحايل في حد ذاتها بل تكمن في الوقوف عند صوره و تحديد اساليبه في الصك المقدم للترسيم واكتشاف آثاره ، و يظهر التحايل في محاولة التلاعب بالقواعد القانونية المنظمة للعملية المراد ترسيمها . فإذا كان الترسيم بالسجل العقاري يتم وفقا لضوابط قانونية محددة فإن تنوع الأساليب الاحتيالية وكثرة الحيل يفرض التصدي لكل هذه المحاولات ومنع ترسيمها بالسجل العقاري . ويجب التمييز بين التحايل في الترسيم والخطأ في تقديم مطلب الترسيم الذي يتمثل في نقص في الوثائق المقدمة والتي تكون مستوجبة لترسيم العملية بالسجل العقاري ويكون ذلك نتيجة عدم دراية أو استشارة خاطئة أو نقص في البيانات الوجوبية التي يلزم ان يتضمنها الصك موضوع الحق العيني لقبول ترسيمه وقد يظهر أيضا في تناقض في الصكوك المقدمة للترسيم كإيداع عقدي مقاسمة يتعلقان بنفس الرسم العقاري في نفس التاريخ ينص احدها على إجرائها على الشياع في حين يجريها العقد الثاني بالقطع ويمتاز بموجبه كل متقاسم بقطعة مستقلة مما يستدعي اختيار طريقة واحدة للترسيم . فالتحايل في الترسيم مبني على معرفة عميقة و دقيقة بمختلف فروع القانون وخاصة منها القانون العقاري . وهو يتمثل في محاولة للتلاعب بالقواعد القانونية واستغلال ما يعتريها من ثغرات وخاصة منها تلك المنظمة للترسيم قصد بلوغ الترسيم بالسجل العقاري أو منع ذلك . كما يختلف التحايل عن التحيل في المادة العقارية . فالتحيل عرفه الفصل 291 من المجلة الجزائية بأنه استعمال الحيل والخزعبلات للاستيلاء على ملك الغير بنية تملكه واعتبره المشرع جنحة ويشبه بالتحيل ويعاقب مرتكبه بالعقوبات المقررة له بيع أو رهن ملك الغير أو بيع أو رهن ما سبق بيعه أو رهنه . وقد جرم المشرع بالفصلين 175 و 177 من المجلة الجنائية كل تدليس أو تقليد أو تغيير لرسوم الملكية أو الكشوف أو السندات أو الشهائد المسلمة من طرف حافظ الملكية العقارية أنظر الفصل ( 405 م ح ع ) فالتحيل يقوم بالأساس على أعمال غير مشروعة كالتدليس في حين أن التحايل وان كان يقوم على استعمال الحيل ومحاولة التلاعب بالقواعد القانونية المنظمة للترسيم بالسجل العقاري فان الغاية منه هو الترسيم و اختراق و تجاوز الرقابة الصارمة التي تجريها إدارة الملكية على الصكوك المقدمة للترسيم .

و لعل نقطة الالتقاء بينهما انهما يحاولان ضرب الشرعية وتسعى ادارة الملكية العقارية جاهدة لعدم ترسيم صكوك تهم ما سبق بيعه او رهنه او بيع ملك الغير . فالغرض من التحايل يكون اما ترسيم صك أو اكتساب حق عيني بسند شرعي لا تنتقل به الملكية أو تجميد رسم عقاري أو التفصي من خلاص معاليم جبائية ثقيلة أو الخروج من الشيوع بطريقة احتيالية أو الأضرار بالدائنين بتخفيض ضماناتهم و بعبارة اخرى إن كل محاولة لمخالفة مبادئ نظام الاشهار العيني وكل محاولة للترسيم بشكل مخادع يمس من حق عيني او شخصي تعد تحايلا في الترسيم . ويقصد بالترسيم ذلك الإجراء القانوني الذي يرمي إلى إدراج حق عيني أو بعض الحقوق الشخصية المذكورة حصرا موضوع صكوك اتفاقية أو قضائية أو إدارية بالسجل العقاري والمتعلقة بإنشاء حق عيني أو بنقله أو بالتصريح به أو تعديله أو إنقضائه أو التقييد من حرية جولانه ( الفصل 373 م ح ع ) ويعرف السجل العقاري بأنه مجموع الدفاتر التي تمسكها إدارة الملكية العقارية وهي دفاتر إيداع وتضمين و رسوم عقارية و تمثل الرسوم العقارية مجموع الصفحات الخاصة بكل وحدة عقارية توثق فيها جميع العمليات و التصرفات القانونية و الانتقالات التي تطرأ على العقار المسجل موضوعه و في الحقيقة لا أحد ينكر مزايا نظام الاشهار العيني فالمكاسب التي يحرزها صاحب الحق من الترسيم بالسجل العقاري تفوق بكثير تلك التي يوفرها الصك موضوع الحق في حد ذاته ، فالحق موضوع الصك غير المرسم يبقى دائما مهددا . ولعل من أهم المبادئ التي يقوم عليها نظام الاشهار العيني وتعطيه أهميته منع التقادم في العقارات المسجلة إذ لا يسري عليها الحوز بمرور الزمن ولا يمكن اكتسابها بالحوز مهما طال امده . و يتدعم هذا الجانب الحمائي للحق العيني من خلال مبدأ المفعول الحفظي للترسيم الذي يعني أن رسم الملكية والترسيم يحفظان الحق موضوعهما . كما نذكر بمبدأ القوة الثبوتية للترسيم الذي بموجبه يثبت الترسيم الحق موضوعه وكذلك مبدأ المفعول المنشئ للترسيم الذي يعني أن كل حق عيني لا ينشأ ولا يتكون إلا بترسيمه ولعل أهم هذه المبادئ على الإطلاق مبدأ الشرعية الذي يلزم الإدارة المتعهدة بعملية الاشهار العيني بالتحقق من صحة الصك المقدم للترسيم سواء من حيث الشكل أو الأصل والتثبت من مدى مطابقة موضوعه لبيانات السجل العقاري ومن عدم وجود موانع تحول دون ترسيمه . فقبول ترسيم ملف يستدعي ان يكون الصك موضوعه مستوفيا لجميع شروط صحته شكلا و أصلا . ويشرف على التحقيق في صحة جميع الصكوك المقدمة للترسيم مهما كان مصدرها أو محررها ولو كان حكما قضائيا أو قرار اداريا هيكل مختص مكلف بدراسة المطالب والتدقيق فيها شكلا واصلا واتخاذ القرار المناسب قبولا أو رفضا . هذا الهيكل مكون من محققين يتولون دراسة اولى للصكوك المقدمة للترسيم يشفع عملهم برقابة اولى من قبل مراجعين تختم بمراجعة نهائية من قبل مراجع أعلى يتم الحسم على ضوئها في مصير المطلب اما بالقبول أو الرفض . ان طرق التحايل متنوعة وصوره مختلفة إذ يمكن أن يكون التحايل من خلال المس بالقواعد الجوهرية للترسيم او ببعض المسائل المتصلة مباشرة بالترسيم كضرورة التعريف بامضاء المتعاقدين و التسجيل بالقباضة المالية والرخص الإدارية و طريقة دفع الثمن وغيرها كثير .
فإلى أي مدى يمكن التحايل على القواعد المنظمة للترسيم و إختراقها و التلاعب بها من خلال استعمال الحيل ؟
ان دراسة هذا الموضوع من شأنها أن تعمق وجهة نظرنا ومعرفتنا بالمهام التحقيقية للصكوك المقدمة للترسيم التي تشرف عليها إدارة الملكية العقارية التي تغير نظامها القانوني من مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية إلى منشأة عمومية كما تغيرت تسميتها وأصبح يطلق عليها الديوان الوطني للملكية العقارية . كما يطلعنا على اهمية الدور الذي تلعبه في حماية مبدأ الشرعية وحماية الحقوق العينية في العقارات المسجلة وتبرز لنا الصعوبات والمشاكل التي تواجهها عند دراسة الملفات المعروضة عليها. وقد فرضت طبيعة نظام الاشهار العيني وكثرة و تنوع القوانين المنظمة للمادة العقارية وتطور المعاملات وتجددها على إدارة الملكية العقارية توسيع مجال نظرها و راقبتها لمنع كل انتهاك للمبادئ المنظمة للسجل العقاري وخاصة منها مبدأ الشرعية وحماية للحقوق العينية وصونا لعديد المصالح وحماية للغير المتعامل على الرسم .
ولقد تفطن المشرع إلى عديد الصور التي تمثل تحايلا و استعمالا للحيل فاوجد حلولا للتصدي لها . ولكن التجدد المستمر للواقع وتطور المعاملات ونمط الحياة ادى في كثير من الصور إلى بروز ثغرات قانونية وعدم مواكبة النص القانوني لسرعة المعاملات مما قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى خرقه والنيل من الحقوق التي يحميها .
لذلك يواجه المحقق صعوبات كثيرة عند دراسة بعض الملفات و يحاول في كل مرة التصدي للحيل ومواجهتها .
و للاجابة عن هذا التساؤل سندرس صور التحايل في الترسيم ( جزء اول ) قبل دراسة آليات وطرق التصدي له ( جزء ثان ).

الجزء الاول : صور التحايل في الترسيم



تتنوع اساليب التحايل في الترسيم وتأخذ أشكالا مختلفة واننا قد اعتدنا عند دراستنا و تحليلنا لموضوع معين ان نستشهد ببعض الامثلة للتوضيح لكن دراسة موضوع التحايل في الترسيم تستدعي التقصي و الوقوف على أكبر عدد ممكن من حالات التحايل . فاهمية الموضوع تكمن في إبراز صور التحيل و الوقوف عندها و محاولة التصدي لها . لهذا سنحاول استعراض اكبر عدد ممكن منها :

dourouby

 

https://www.dourouby.tn/2021/02/spoofing-delimitation.html

1) التحايل عن طريق الصك المقدم للترسيم :

يكون ذلك إما بتقديم حكم قضائي غير ناقل لحق عيني أو بموجب حكم ساقط

أ ) الادلاء بحكم صادر عن حاكم الناحية في المادة الحوزية أو بكف شغب :

اذا كانت دعوى كف الشغب في عقار مسجل المنصوص عليها بالفصل 307 م ح ع متولدة عن حق الملكية . فإن كل اعتداء على الانتفاع بعقار مسجل يشكل شغبا يستوجب رفعه ووضع حد له عن طريق رفع دعوى في كف شغب التي هي من اختصاص قاضي الناحية . لكن في كثير من الأحيان يحيد قاضي الناحية أو المحكمة الابتدائية باعتبارها محكة إستئناف للاحكام الصادرة عنه عن الهدف المقصود من الدعوى ويتم الخوض في مسألة الاستحقاق و قد ينشأ بمناسبة النظر فيها وفصلها حق عيني كان يقضي الحكم بكف الشغب وينشأ في نفس الوقت حق عيني بإجراء الصلح بين طرفي النزاع كأن يقبل المالك المرسم توظيف حق ارتفاق على عقاره المسجل أو أن يتنازل المالك المرسم عن جزء يسير من عقاره لفائدة جاره الذي اقام احداثات على ارضه و تجاوز بجزء يسير إلى عقاره ويجرى الصلح أمام المحكمة وتقضي على ضوئه . فيتقدم المستفيد من الحكم بعد صيرورته باتا بطلب ترسيمه .
ان هاته الأحكام الصادرة في المادة الحوزية أو كف الشغب عن قاضي الناحية والتي خاضت في أصل الحق وأنشأت حقوقا عينية تكون قد خالفت قواعد الاختصاص الحكمي التي تهم النظام العام والتي لا يمكن التنازل عنها أو الاتفاق على مخالفتها وقد أكدت محكمة التعقيب ذلك في قرارها الصادر بتاريخ 5 ماي 1981 عدد 3301 حين اعتبرت " ان نظر حاكم الناحية مقصور على البت في الشغب وليس له أن يتعهد بالموضوع الاستحقاقي الخارج عن انظاره " فدعوى الفصل 307 م ح ع باعتبارها ترمي إلى حماية المالك المرسم بكف الشغب الحاصل له في الانتفاع بعقاره المسجل ليست دعوى استحقاقية . ذلك أن الهدف الأساسي والغاية الرئيسية من الدعوى الاستحقاقية هي إثبات حق الملكية على العقار أو بعبارة أخرى ترمي إلى استحقاق حق والكشف عنه وتختص بالنظر فيها المحكمة الابتدائية .
و قد جرى العمل في إدارة الملكية العقارية على رفض الأحكام الصادرة عن قاضي الناحية في المادة الحوزية أو كف الشغب والتي تقرر حقوقا عينية بناء على عقد صلح أو اتفاق لأن ذلك خارج عن اختصاصها . لكن قد يتمسك طالب الترسيم بعقد الصلح الممضى بين الطرفين أمام محكمة الناحية و بالحكم الذي صدر على أساسه بعد تسجيله ويطالب بترسيمه باعتباره سندا لإنشاء الحق العيني فتتمسك الادارة بموقفها وتطالبه بالادلاء بحكم استحقاقي في الغرض يكون صادرا عن المحكمة الابتدائية صاحبة الاختصاص الحكمي الوحيد . فوحدها في نظر الادارة الدعوى الاستحقاقية التي تثب حقه وتمكنه من الترسيم . ويرى البعض أن هذا الموقف فيه مغالاة وتعسف طالما أن الصك المراد ترسيمه هو عقد صلح أجرته المحكمة برضى الاطراف و اتفاقهم أنهت على ضوئه النزاع وتم تحديد موضوعه و قدرت نسبة المنابات المتنازل عنها و قيمتهاو تم تسجيله وحجتهم في ذلك ان مثل هذا الاتفاق أو الصلح من الممكن أن يتم خارج قاعة المحكمة و سيتم قبول ترسيمه فلا داعي في نظرهم لرفض ترسيم هذا الصلح وهو مشفوع بحكم قضائي يقره . وهذا الحل يستوجبه احترام مبدا سلطان الارادة وحرية التعاقد . لكن الادارة المتعهدة بالترسيم تبقى جهة إدارية مكلفة بالتنفيذ ولا يجوز لها في كل الاحوال خرق قواعد الاختصاص الحكمي .

ب ) الادلاء بحكم قضائي بات ساقط :

اقتضى الفصل 257 م م م ت عدم إمكانية تقديم الحكم للتنفيذ بعد مضي عشرين سنة من تاريخ صدوره حيث يبطل العمل به بمرور هذه المدة . وهو اجل سقوط لا يقبل الوقوف أو الانقطاع . وكان اولى ان يستعمل المشرع عبارة السقوط عوضا عن البطلان إذ أن جزاء الإخلال بالاجل هو السقوط .
وقد يدلى بحكم قضائي بات مضى على تاريخ صدوره اكثر من عشرون سنة بغرض ترسيمه . فالتحايل يكمن في محاولة ترسيم هذا الحكم الذي لم ينفذ والذي يعد باطلا حسب منطوق الفصل المذكور . فإبطال العمل بالحكم يقتضي عدم إمكانية ترسيمه . وعندما يجابه مطلب الترسيم بالرفض اداريا لا يبقى من بد سوى التقدم للمحكمة العقارية بمطلب تحيين في محاولة اخيرة لترسيم هذا الحكم .
وتطالعنا محكمة التحيين بأحكام جريئة في إطار ممارسة سلطة التجاوز التي خولها لها الفصل 5 من قانون التحيين وبعد القيام بما يلزم من أبحاث حيث اعتبرت انه ولئن كان النص صريحا ببطلان العمل بمثل هذه الأحكام الا انه يمكن في نطاق مطلب تحيين ان تعتمد لتجاوز هذه الصعوبة آلية التنصيص على الانتقالات و الحقوق التي جاءت بها تلك الأحكام خاصة إذا ثبت وجودها واقعا من خلال ما تجريه من أبحاث و تحريات للتأكد من مطابقة الحالة الاستحقاقية المادية للعقار مع الحالة القانونية كان يثبت أن الحكم قد تم تطبيقه على العقار موضوع الرسم مثل حكم في القسمة نفذت رضائيا بين المالكين وثبت للمحكمة انطباق موضوع الحكم على العقار من خلال ما اجرته من بحث عيني وتلقته من شهادات وثبوت التحوز الفعلي لكل مالك بمقسمه والتصرف فيه . حيث اعتبرت انه ولئن كان النص صريحا ببطلان العمل بمثل هذه الأحكام الا انه يمكن في نطاق مطلب تحيين ان تعتمد لتجاوز هذه الصعوبة آلية التنصيص على الانتقالات و الحقوق التي جاءت بها تلك الأحكام خاصة إذا ثبت وجودها واقعا من خلال ما تجريه من أبحاث و تحريات للتأكد من مطابقة الحالة الاستحقاقية المادية للعقار مع حالته القانونية كأن يثبت أن الحكم قد تم تطبيقه على العقار موضوع الرسم . وقد تمضي دائرة الرسوم المجمدة إلى إقرار العمل بهذا الحكم خاصة عند غياب المعارضة أو عدم جديتها.

2 ) التحايل بواسطة الترسيم على الشياع باعتماد طريقة الإعفاء :

dourouby

 

   

كثيرا ما تكون العقود المقدمة للترسيم وخاصة منها عقود البيع متضمنة لفصل تدرج به اتفاقات الاطراف وتصريحاتهم و الالتزامات المحمولة عليهم وتشخيص موضوع البيع مع وصفه وتحديده وعادة ما يشفع هذا الفصل بفقرة تعفي السيد حافظ الملكية العقارية من كل ما ذكر به ويطلبون منه الترسيم على الشياع .
فقد يكون موضوع عقد البيع أجزاء مفرزة من عقار مسجل يترتب عن ذلك تحويز المشتري من قبل المالك الاصلي البائع وتمكينه من وضع اليد والتصرف الفعلي بهذا المناب المفرز دون أن ينازعه في ذلك الجزء بقية الشركاء فإذا تم إعداد التقسيم و الادلاء بالمثال التقسيمي النهائي للقطعة المراد استخراجها مع بيان دقيق لعددها ومساحتها بالعقد وطبقا للمثال النهائي يتم ترسيم الاستخراج واحدث الرسم الجديد بإسم المشتري . لكن في بعض الحالات الأخرى قد يكون موضوع البيع جزء مفرزا بذاته انجر للبائع بموجب سند لم يرسم مثل كتب قسمة لم يرسم لعدم شموله لجميع المالكين بالعقار أو بموجب حكم قسمة لم يقع تنفيذه أو مشروع تقسيم لم يقع المصادقة عليه من طرف السلط الإدارية المختصة أو لارتفاع تكلفة إعداد التقسيم النهائي أو لعدم وجود تقسيم اساسا أو أن المناب المفرز لم يتم إعداد مثال له اصلا . فيلجأ الطرفان في عقد البيع وضمن ما خوله القانون لهما من الادلاء بتصريحات يتلقاها محرر العقد ويضمنها بالعقد مثل تشخيص موضوع البيع بذكر حدوده ومساحته التقريبية مع ذكر عدد المقسم حسب المشروع ان وجد ثم يعفيان إدارة الملكية العقارية من كل ذلك ويطلبان ترسيم البيع على الشياع ضمانا للحق من الضياع ولتيسير ترسيم العقد بالسجل العقاري . و قد جرى العمل في إدارة الملكية العقارية على قبول ترسيم هذه العقود والكتائب التي يكون موضوعها جزءا مفرزا وترسيمها على الشياع بطريق الإعفاء لتفادي خطورة عدم ترسيم هذه العقود من جهة و لمواكبة الحالة الاستحقاقية الواقعية للرسم وتحيين وتعديل قائمة المالكين به .ونظرا لإدراك الإدارة لصعوبة إنجاز التقاسيم النهائية و صعوبة الحصول على الأمثلة الهندسية فتقبل الترسيم على الشياع . لكن ترسيم مثل هذه العقود المتعلقة بأجزاء مفرزة على الشياع بطريقة الإعفاء يتعارض بصفة أصلية مع مبدأ مهم من مبادئ نظام الاشهار العيني وهو مبدأ التخصيص المنصوص عليه بالفصل 360 م ح ع الذي يقتضي تطابق المثال مع الرسم . فقبول الترسيم على الشياع في مثل هذه الصورة يجعل الرسم العقاري غير مطابق لمثاله الهندسي . فإدراج عقود البيع التي يكون موضوعها جزء مفرز بطريق الإعفاء بالسجل العقاري تحايل و فيه مغالطة للاشهار ويمس من حقوق المتعاملين على الرسم العقاري بل يضر بالرسم العقاري ذاته فيصيبه الجمود وتصبح وضعيته القانونية غير مطابقة لوضعيته الواقعية . فمثل هذا الترسيم لا يحقق التطابق بين بيانات الرسم العقاري و حقيقة الاستحقاق الواقعي للملكية فيه فهو يعتبر ترسيما صوريا مخلا بمبدأ هام من مبادىء الاشهار العيني وهو مبدأ التخصيص . لكن إدارة الملكية العقارية تقبل الترسيم لتجنيب العقود التجميد و عدم قابلية الترسيم . كما نتعرض للترسيم على الشياع بطريق الإعفاء عند الحديث عن نظام العلو والسفل . فلئن حجرت مجلة الحقوق العينية في الفصل 191 منها إنشاء حق الهواء منذ دخولها حيز التنفيذ سنة 1965 فإنه قد تم استنباط طريقة جديدة تتمثل في التفويت بعقود بعوض أو بدونه فيما يعرف بالعلو بصدد البناء أو التام البناء الذي يعتبر من العقود المتداولة كثيرا أمام وجود تحجير قانوني يمنع التعامل على حق الهواء . وبما أن قبول ترسيم الصك المقدم للترسيم يقتضي أن يحتوي ذلك الصك جملة من البيانات الوجوبية كالتنصيص على معرف الرسم واسم العقار وموقعه و مساحته ومحتواه و عدد القطع الخاصة والمشتركة المكونة له اذا كان مجزءا ونسب الملكية اذا كان مشاعا طبقا للفصل 377 من م ح ع ثانيا . و بما أن مجرد ذكر الصك المقدم للترسيم على مجرد نقل ملكية علو بصدد البناء أو تام البناء يعتبر موضوعه غير واضح بالرجوع إلى المعايير المعتمدة للترسيم و المذكورة اعلاه ونظرا لعدم ذكر نسبة الاجزاء على الشياع التي تمثله . ومن جديد تم استعمال حيلة قانونية لغاية ترسيم هذه العقود وتم استنباط عدة طرق لبلوغ ذلك نذكر منها :
1- البيع لأجزاء على الشياع باعتماد مساحة العقار مع تشخيص موضوع البيع ضمن فصل خاص بالعقد ينص على أنه يتعلق بعلو مع مدرج خاص يعفى من ذكره السيد حافظ الملكية العقارية
2 - جمع مساحة الطابق الأرضي مع مساحة الطابق العلوي واعتمادها كتجزئة خاصة ومقام كسر للمنابات المبيعة
3 - اعتماد تجزئة بالكسور وذلك إما ببيع النصف أو الربع أو الثمن مع التشخيص والاعفاء من كل ما يحول دون الترسيم
ولكن قد يعمد مالك العقار إلى بناء طابق ثان و ثالث و رابع وهو ما يشكل نوعا من التحايل على القانون بعدم تحيين الرسم العقاري من خلال تقسيم العقار واعداد الامثلة الهندسية لكل طابق . فنحن في هذا الصدد نكون قد انتقلنا من نظام العلو والسفل الى نظام ملكية الطبقات حيث تأخذ البناية شكل عمارة . وفي كل مرة يسعى إلى تغيير تجزئة العقار لترسيم بيع جديد على الشياع يمثل في حقيقة الأمر طابقا جديدا وهو ما يشكل نوعا من التحايل على القانون بعدم تحيين الرسم العقاري من خلال تقسيم العقار واعداد الامثلة الهندسية لكل طابق . فنظام العلو والسفل يختلف عن نظام ملكية الطبقات الذي تأخذ فيه البناية شكل عمارة وتعرف العمارة بالمفهوم التقني والقانوني في كل بناء زاد ارتفاعه عن ارتفاع الارض يكون مقسما إلى عدة طوابق أو شقق يفوق عددها إثنين مكون من أجزاء مفرزة متمثلة في ملكية خاصة للشقق و المحلات وأجزاء مشاعة و مشتركة موظفة على العمارة لفائدة الشقق متمثلة في المدارج والسطوح والمصاعد و الممرات . وقد نظم المشرع ملكية الطبقات بالفصول من 85 إلى 102 من م ح ع وفي مثل هذه الحالة لا تقبل ادارة الملكية العقارية ترسيم عقود بيع طابق ثان و ثالث و تقتصر على قبول تغيير تجزئة العقار في صورة ملكية العلو والسفل ولا تقبله فيما زاد على ذلك . فتقنية تغيير التجزئة العامة للعقار غير ممكنة لعدم تطابق المساحة القانونية للعقار مع مساحته الواقعية والمادية ولما في ذلك من خرق لمبدأ التخصيص وتطابق الرسم مع المثال و ينبغي على المحقق رفض الترسيم كلما ثبت لديه من خلال التشخيص الوارد بالعقد ان العقار يتمثل في طابق ثان أو في ما زاد على ذلك من طوابق رغم الإعفاء وطلب الترسيم على الشياع مع طلب تغيير التجزئة فذلك لا يشفع له بالترسيم لمخالفة ذلك للنظام القانوني لملكية الطبقات ولقاعدة التخصيص التي تعني تطابق المثال مع الرسم والذي يقتضي متابعة جميع التغيرات التي تطرأ على العقار وتؤدي الى تجزئته إما بموجب قسمة أو تقسيم ويتولد عن ذلك إستخراج قطع وافرادها برسوم مستقلة .
كما لم تسلم ملكية الطبقات من التحايل إذ في كثير من الأحيان يضيف صاحب العمارة طابقا إضافيا مشتملا على شقق جديدة بعد إنجاز التقسيم والمصادقة عليه من السلط الإدارية المختصة فيخرق بذلك التراتيب الإدارية و يتجاوز العدد المسموح ببنائه من الطوابق وفقا للقواعد العمرانية المنطبقة . ويقوم ببيع تلك الشقق فيستعصي على المشترين لتلك الشقق المبنية دون احترام التراخيص الإدارية ترسيم عقودهم بالسجل العقاري و يحرمهم من الانتفاع بحقوقهم خاصة منها الانتفاع القانوني بالأجزاء المشتركة الموظفة على العمارة و المركب السكني لفائدة تلك الشقق مثل المدارج و خاصة مأوى السيارات التي لا يمكنها ماديا الانتفاع بها لعدم تخصيصها أصلا لها . كما تبرز خطورة الترسيم بطريق الإعفاء من خلال ما يرد في تصريحات وعبارات يتلقاها محرر العقد على لسان الاطراف ويضمنها بفصول يعفى منها حافظ الملكية العقارية .حيث تسمح الحرية التعاقدية للمتعاقدين التنصيص بعقد بيع لمنابات على الشياع في عقار فلاحي حسب ما تفيد به بيانات الرسم ان موضوع البيع يتمثل في مقسم معد للبناء وفقا لتقسيم أعده أحد الخبراء في قيس الأراضي فذلك يشكل سببا لرفض الترسيم رغم طلب الإعفاء بسبب عدم تطابق صبغة العقار بين بيانات الرسم وما ورد بعقد البيع خاصة إذا كان المشتري متزوجا وفق نظام الاشتراك في الأملاك إذ يتعذر في مثل هذه الصورة معرفة النظام المالي للزواج المنطبق على الموضوع . و يرجع سبب ذلك الى عدم تطابق صبغة العقارات والاستعمال المعدة له بين بيانات الرسم والواقع مما يستدعي تعديل هذه الصبغة وملاءمتها للغاية التي اعد لها العقار .
كما يتجه على المحقق ان يدقق عند دراسته لعقود البيع المتعلقة بعقارات تكون فيها منابات الشركاء موزعة وفق تجزئة خاصة بالاسهم من تطابق نسبة الأسهم المبيعة مع ما ورد في العقد من تشخيص لموضوع البيع بالامتار يكون معفى منه السيد حافظ الملكية العقارية ، ففي كثير من الحالات يغيب التطابق بين النسبتين خاصة إذا كان الاختلاف بين نسبة المنابات المبيعة بالأسهم والأجزاء كبيرا مما قد يثير عدة اشكاليات لاحقا .

3 ) التحايل الذي يستهدف التامينات العينية وخاصة منها الرهن العقاري :

رغم الضمانات التي يتيحها الرهن العقاري لفائدة الدائن المرتهن من تتبع العقار المرهون في أي يد ينتقل إليها من أجل استيفاء دينه من ثمنه بعد التنفيذ عليه
وكذلك ما يخوله الفصلان 121 و 122 من مجلة الحقوق العينية للدائنين سواء كانوا مرسمين أو غير مرسمين من ان يعارضوا في إجراء القسمة أو بيع الصفقة اذا لم يقع استدعاؤهم لحضورها ويمكنهم في كل الأحوال الطعن في القسمة و رفع دعوى لنقضها . واذا ما تم ترسيم المقاسمة يمكنهم ترسيم قيد احتياطي لدعوى نقض القسمة عملا بأحكام الفصل 365 م ح ع حماية لهم لكن رغم كل هذه الضمانات يمكن أن يشكل ترسيم القسمة خطرا على الدائنين اذا لم يرسموا قيدا احتياطيا لدعواهم الرامية إلى نقض القسمة وتفويت جميع المتقاسمين في ما امتازوا به بموجب المقاسمة لفائدة غير حسن النية وبذلك ينحصر نطاق ضمانهم في قطعة ارض فلاحية تكون قيمتها اقل بكثير من المنابات التي كان يملكها مدينهم على الشياع قبل القسمة رضي بها المتقاسم المدين إضرارا بدائنيه و تحايلا منه خاصة وأن إدارة الملكية العقارية درجت على ترسيم المقاسمة ونقل الرهون على القطعة التي امتاز بها المتقاسم المدين دون سواها . ومن المستحسن في هذه الصورة و حماية للدائنين الراهنين ان تطلب إدارة الملكية العقارية مصادقتهم قبل ترسيم المقاسمة حماية لضمانهم من كل تحايل .

4)التحايل عن طريق عدم احترام مبدأ التسلسل في الترسيمات :

وذلك بمخالفة الترتيب الزمني للانتقالا ت في الصكوك من خلال إخفاء بعض الانتقالات أو عدم التنصيص عليها ضمن مراجع انجرار الملكية وهو ما شكل سببا رئيسيا لتجميد الرسوم العقارية واخراجها من الدورة الاقتصادية
و تجد إدارة الملكية نفسها في حرج عند ترسيم عقود بيع
لجميع المناب الشائع في العقار دون تحديد مراجع الانجرار
ونجدها شديدة الحرص في طلب التنصيص على مراجع انجرار الملكية في جميع العقود المعروضة عليها حماية لحقوق أصحابها .

5 ) تعطيل تنفيذ الأحكام :

ان استعمال الحيل قد يقف عائقا أمام تنفيذ الاحكام الصادرة عن المحاكم ويحول دون ترسيمها ففي كثير من الأحيان يعمد المدين الذي استصدر دائنه حكما قضائيا باتا ضده يخوله تتبع عقاره والتنفيذ عليه إلى بيع العقار قبل بلوغ الحكم إلى ديوان الملكية العقارية
وقد يرهن المشتري المشفوع ضده العقار مباشرة بعد صدور حكم بات لفائدة الشفيع فبمجرد تاكده من خروج العقار من ذمته بموجب حكم الشفعة يقدم على مثل هذه الأعمال التحايلية اما ببيع العقار أو رهنه . وقد سعى المشرع إلى حماية الشفيع من التصرفات التي يجريها المشتري منذ إبرام عقد البيع الموجب للشفعة إلى تاريخ انقضاء آجال القيام بها فقد نص الفصل 114 من م.ح.ع. على أنّه : "لا تمضي على الشفيع عمليّات التفويت التي قام بها المشتري قبل انقضاء أجل القيام بالشفعة". فكل التفويتات بعوض أو بدونه التي يجريها المشتري لفائدة الغير لا يمكن أن يعارض بها الشفيع متى أبرم العقد قبل انقضاء أجل القيام بالشفعة والمحدّدة بستّة أشهر من يوم ترسيم العقد بالسجل العقاري بالنسبة للعقارات المسجّلة الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم ومن يوم تسجيل العقد بالقباضة الماليّة بالنسبة للعقارات المسجّلة غير الخاضعة للمفعول المنشئ للترسيم في حالة تعذّر الإعلام ، أمّا في حالة الإعلام فآجال القيام وطبقا للفصل 115 جديد من م.ح.ع. يتمثّل في شهر من تاريخ الإعلام .وفي الحقيقة ترفض إدارة الملكية العقارية في عديد الحالات ترسيم هذه الأحكام الباتة اما بسبب رهن أو بيع العقار الذي تعلقت به للغير و لا يبقى أمام الشفيع الا اللجوء إلى القضاء لطلب إبطال هذه الترسيمات و التشطيب عليها ويستنتج من ذلك أن حماية الحق العيني تقتضي وجوب الحرص واليقضة من صاحبه . وقد مكن المشرع أصحاب الحقوق المهددة من حمايتها بموجب القيود الاحتياطية.

dourouby

 

6) التحايل على اجراء التسجيل بالقباضة المالية :

يعتبر التسجيل بالقباضة المالية إجراء وجوبيا بالنسبة للعقود المتعلقة بعقارات مسجلة أو غير مسجلة ،إذ لا يجوز الاحتجاج بالعقود المتعلقة بعقارات غير مسجلة على الغير الا من تاريخ تسجيلها ( الفصل 580 م ا ع ) كما يعتبر تسجيل العقود المتعلقة بعقارات مسجلة إجراء وجوبيا لقبول ترسيمها بالسجل العقاري حيث يفرض الفصل394م ح ع " على كل من يطلب ترسيما أو تشطيبا على ترسيم أو تعديلا لترسيم أو حطا من ترسيم ان يقدم إلى إدارة الملكية العقارية مقابل وصل الصك ومؤيداته بعد استيفاء اجراءات تسجيله بالقباضة المالية ودفع معلوم الترسيم " ورغم أهمية التسجيل وعلاقته بالترسيم فانه تبرز على مستوى التطبيق عدة صعوبات وتجاوزات . فلئن فرض الفصل 377 ثالثا على محرر الصكوك الخاضعة للترسيم بالسجل العقاري تسجيل تلك الصكوك لدى القباضة المالية على نفقة متحملها فإن عملية تسجيل هذه الصكوك عادة ما توكل إلى الطرف المستفيد منها فتحمل على المشتري في عقد البيع و على الموهوب له في عقد الهبة الصادر لفائدته . و قد يعمد المشتري أو الموهوب له إلى تسجيل عقد يهم نفس الاطراف ونفس الموضوع مرتين و بتاريخ مختلف قصد التحايل وترسيم العقد مرتين خاصة أن المعيار المعتمد للتثبت في التحقيق من إختلاف العقود عندما اتحادها في الموضوع والأطراف والمحرر هو تاريخ تسجيلها بالقباضة المالية وعدد وصل تسجيلها . وفي هذا الصدد يجب على المحقق ان يتحرى ويتثبت عند دراسته لهذه العقود حتى لا يقع في الخطأ فيدقق في العقود المقدمة إليه أو التي سبق ترسيمها والتي تم تحرريها من قبل نفس المحرر و تهم نفس الاطراف ونفس الموضوع والمحررة أو المعرف عليها بنفس التاريخ مع الإختلاف في تاريخ تسجيلها فإذا تعلق الأمر بحجة عادلة وجب التثبت من عدد تضمين وايداع كل حجة بدفتر عمل العدل إشهاد محرر الحجتين للتأكد من تطابقها أو إختلافها . وان كنا بصدد دراسة كتب خطي يتعين التثبت من عدد وصل التعريف بإمضاء البائع لدى السلطة المعرفة بالامضاء أسفل كتب البيع للتحقق من إختلاف الكتبين أوتطابقهما . وقد اقتضى الفصل 16 من مجلة معاليم التسجيل ان تكون المعاليم المستوجبة للتسجيل نسبية أو تصاعدية أو قارة حسب طبيعة العقود والنقل الخاضعة لها
و قد اعفى المشرع بموجب القانون عدد 69 لسنة 2006 المؤرخ في 28 أكتوبر 2006 الهبات بين الاسلاف والاعقاب وبين الأزواج من معلوم التسجيل النسبي وأصبحت تسجل بالمعلوم القار أي بدفع مبلغ 125 دينارا بعنوان التسجيل والترسيم وهو ما يشكل اعفاء جبائي هام ومربح لهذين الصنفين من المتعاملين على العقارات مقارنة بمعاليم التسجيل النسبي المشطة والمرتفعة حسب ما ضبطها الفصل 20 من نفس المجلة . لكن هذا الإعفاء الجبائي تمت إساءة استعماله للتفصي من خلاص المعاليم الجبائية المستوجبة قانونا على نقل الملكية حيث تستغل بعض العائلات هذا الإعفاء الجبائي لابرام وتسجيل عقدين في نفس اليوم مع فارق في الساعات يتم التنصيص بالعقدين المقدمين للتسجيل على نفس الانجرار و المتمثل في الارث للإنتفاع بالتسجيل وفقا للمعلوم القار على أن يتم إصلاح الانجرار لاحقا بالعقد المسجل ثانيا بواسطة كتب تكميلي يذكر فيه العقد المسجل أولا كإنجرار للملكية . وفي الحقيقة يشكل ذلك خرقا واضحا لأحكام الفصل 23 من م م ت ط ج بعد التنقيح الذي أجراه المشرع عليه بموجب الفصل 34 من القانون عدد 66 لسنة 2017 المؤرخ في 18ديسمبر 2017 والذي أضيفت بمقتضاه الفقرة Iv مكرر والتي منعت الانتفاع بالمعلوم القار بالنسبة للعقود المتعلقة بنفس الحق العيني العقاري و المسجلة بنفس اليوم اذ لا يمنح التسجيل بالمعلوم القار المنصوص عليه بالعدد 18 ثالثا سوى مرة واحدة كل خمس سنوات لكل حق عيني يتعلق بنفس العقار بمعنى أن لا ينتفع بالتسجيل بالمعلوم القار الا العقد المسجل أولا اما العقد الثاني فانه يسجل وفقا للمعلوم النسبي المنصوص عليه بالفصل 20 فقرة 16 ويتعين دفع معلوم الترسيم و قدره 100/1 لفائدة الديوان الوطني للملكية العقارية . وفي هذا السياق يتعين على المحقق التثبت من تسجيل عقد الهبة الثاني وفق معلوم التسجيل النسبي لجميع عقود الهبة والتحقق من خلاص معاليم الترسيم المستوجبة لفائدة ديوان الملكية العقارية اذا كانت المدة الفاصلة بين العقدين المقدمين للترسيم تقل عن خمس سنوات . ويطرح التساؤل في هذا السياق حول المعاليم المستوجبة للترسيم عند فسخ عقد الهبة المبرمة بين الأزواج والأصول والفروع قبل مضي أجل خمس سنوات إذ أن الفسخ تنتقل به الملكية من جديد الى الواهب اذ يعمد بعض الأشخاص من نفس العائلة كالاب أو الزوج الذي يريد إبرام هبة جديدة لأحد أبنائه أو لزوجته ويكون قد سبق أن أبرم عقد هبة سابق لأحد أبنائه لم يمض على تاريخ تسجيله خمس سنوات إلى فسخ العقد القديم وابرام عقد هبة جديد يضيف فيه من يشاء من أبنائه للتهرب من تسجيل عقد الهبة الجديد وفق المعلوم النسبي وهنا نتساءل هل يتم تسجيل عقد الفسخ بالمعلوم القار ام المعلوم النسبي و هو ما يفرض على المشرع سد هذا الفراغ و توضيح قواعد انطباق القاعدة القانونية منعا لكل تحايل . والملاحظ في التطبيق ان المتعاقدين في عقود الهبة يخفظون من قيمة العقارات الموهوبة إلى أقل من عشرة آلاف دينارا فيؤثر ذلك على معلوم الترسيم لفائدة إدارة الملكية العقارية إذ تصبح قيمته أقل من القيمة المستوجبة بموجب الإعفاء والتسجيل وفق المعلوم القار مما يحتم وضع حد ادنى لقيمة العقارات في العقود المقدمة للتسجيل .ثم إن المشرع التونسي ولئن لم يمنع عملية إبرام عقود متزامنة في تاريخ تحريرها أو تسجيلها احتراما منه لمبدأ سلطان الإرادة فان هذه العملية فتحت المجال لاستثمار عديد الأفكار والحيل حيث تم استغلال الإعفاء المقرر بالفصل 23 م م ت ط ج ( التسجيل بالمعلوم القار ) بطريقة احتيالية وذكية لتجنب إجراء القسمة والخروج من الشيوع بأقل تكلفة وتفادي ما تقتضيه المقاسمة من مصاريف تحرير وخلاص معاليم تسجيل وفقا للمعلوم النسبي الذي يقدر ب 0,5 بالمائة من قيمة العقارات يضاف لها 3 بالمائة في صورة عدم ثبوت الانجرار مع دفع المعلوم المستوجب للترسيم وقدره 1 بالمائة لفائدة ديوان الملكية العقارية حيث يقوم الورثة بهبة جميع العقارات المكونة للتركة لفائدة أحد الأصول الذي لا يزال على قيد الحياة ( الأب أو الأم ..... ) بموجب عقد هبة اول ثم يتولى هذا الأخير تقسيم تلك العقارات ان كانت قابلة للقسمة وفي اغلب الاحيان يكون التقسيم جاهزا مسبقا ومصادقا عليه من السلط الإدارية المختصة ليعيد هبتها من جديد للورثة في شكل مقاسم يتم استخراجها و إفراز كل وارث برسم مستقل . وغالبا ما يتم تسجيل عقدي الهبة بنفس التاريخ مع فارق في الساعات للانتفاع بمعلوم التسجيل القار ويتم ذلك عادة بالتلاعب بمراجع الانجرار وذكر الارث فقط عند تقديم الحجتين للترسيم ليتم تدارك الغلط في الانجرار لاحقا بواسطة كتب تكميلي . فيقدم مطلب الترسيم لحجتي الهبة مصحوبا بالامثلة الهندسية المستخرة من ديوان قيس الأراضي والمسح العقاري فيتم قبول الترسيم . و هذه العملية وان كانت قانونية فإنها تنطوي على نوع من التحايل فهي تمكن الاطراف من التفصي من خلاص المعاليم الجبائية المستوجبة لنقل الملكية بموجب المقاسمة والتسجيل وفقا المعلوم النسبي كما تمكنهم من التفصي من دفع معلوم الترسيم لفائدة ديوان الملكية العقارية وقدره 1 بالمائة ودفع معلوم قار لا يتناسب مع القيمة الحقيقية للعقارات المتعامل عليها .
كما يمكن ترسيم العقود المتزامن المتعاملين على العقارات الخاضعة لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم و الخاضعة لإجراء السند وهي الرسوم العقارية المحدثة بعد جريان العمل بالقانون عدد 30 لسنة 1998 المؤرخ في 20 افريل 1998 و وكذلك الرسوم العقارية المحينة وفق اجراءات التحيين الواردة بالقانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 من التفصي من خلاص معاليم أحداث سندات الملكية إذ تكتفي الادارة باستخلاص معلوم السند المحدث لفائدة المستحق أو المالك الذي الت له الملكية أخيرا . إذ جرى العمل بالديوان الوطني للملكية العقارية على عدم إحداث سندات ملكية تلغى بنفس اليومية . بل يسند سند ملكية واحد للمالك الأخير الذي استقر العقار على ذمته وفقا لتسلسل الترسيمات. و في غياب توحيد العمل حول إجراء إحداث السند أساءت بعض الإدارات الجهوية الفهم وإقتصرت على استخلاص معلوم السند المحدث أخيرا في عمليات ترسيم متزامنة مودعة بنفس التاريخ في حين أنها مطالبة باستخلاص معلوم سند عن كل تغيير يطرأ على الرسم فالورثة الذين يحيطون بإرث مورثهم بترسيم وفاته ويدلون بعقد متزامن يفوتون فيه في جميع مناباتهم بنفس اليومية لفائدة مشتر جديد يجب أن تطالبهم الإدارة بخلاص معلوم تغيير سند الملكية عن كل وارث ولو لم ينتفع بإجراء السند المحدث سوى المشتري الجديد . فمستقبل السجل العقاري و المعاملات العقارية في سندات الملكية التي يجب الإحاطة بها نظرا لما تمثله من أهمية في سلامة التعامل على العقار و في مجال التوثقة و الضمان .
كما يمكن أن يتفق البائع والمشتري على إبرام كتب تكميلي يوضحان فيه موضوع البيع وذلك بإضافة رسم عقاري اخر أو عدة رسوم عقارية أخرى لم يشملها عقد البيع الاصلي أي أن يصبح البيع مسلطا على عقارين أو عدة عقارات بدل عقار واحد مثلما تم الاتفاق عليه بكتب البيع الأصلي او اصلاح عدد الرسم العقاري بموجب كتب تكميلي فيرسم البيع باتفاق الاطراف مرة بموجب عقد البيع الأصلي والكتب التكميلي ومرة أخرى في تاريخ لاحق بموجب العقد الأصلي فقط . و تبرز نية التحايل خاصة إذا كانت المدة الزمنية التي تفصل بين إبرام كتب البيع الأصلي و الكتب التكميلي طويلة . والغرض من ذلك تجنب تحرير عقود بيع جديدة وتفادي مصاريف التسجيل والترسيم . ويتعين في هذه الصورة على المحقق رفض ترسيم العقد التكميلي والمطالبة بعقد بيع جديد يتم فيه التنصيص على العقار أو العقارات المراد اضافتها مع خلاص المعاليم المستوجبة لنقل الملكية و الترسيم بالسجل العقاري . كما قد تكون ملكية العقار قد انجرت للمالكين بموجب الارث او الوصية ثم تشعبت وضعيته الاستحقاقية بسبب كثرة الترسيمات و الوفايات و قد تصدر عنهم بيوعات على الشياع تارة على نسبة الفرض الشرعي بينهم و تارة أخرى على نسب غير محددة بينهم فيتقدمون إلى إدارة الملكية العقارية بكتب تحديد منابات يتداخل فيه جميع المالكين بالعقار تسند بمقتضاه نسب متفاوتة أو متساوية فيما بينهم دون مراعاة للمعايير المعتمدة لاحتساب تلك المنابات أي دون احترام الترسيمات المدرجة أو قواعد الارث التي ضبطتها مجلة الأحوال الشخصية والتي تهم النظام العام . فنظرا لتشعب وضعيته الاستحقاقية للعقار و تجنبا لإبرام عقد مقاسمة فيما بينهم وتفاديا لمصاريفها وتكلفتها ( تعيين خبير و مصاريف تقسيم و أجرة تحرير العقد و خلاص معاليم التسجيل و الترسيم )
ويجب التنبيه في هذا الصدد ان أحكام الفصل 57 من مجلة الحقوق العينية لا تنطبق في مثل هذه الصورة إذ يقتصر مفعوله على صورة مخصوصة يكون فيها مناب كل شريك غير محدد لأن عقد شرائهم لم ينص على نسبة الراجعة لكل مشتر فإذا سكت العقد عن تحديد النسبة اعتبرت متساوية بينهم . و تعتمد الادارة لتخليص الرسوم من الجمود بمناسبة دراسة الفرائض وتحديد منابات الورثة الذين صدر عنهم بيع على نسب غير محددة على بيانات الرسم وعلى نسبة استحقاقهم فيه خاصة إذا ما صدرت عنهم بيوعات سابقة على نسبة الفرض الشرعي بينهم اما فيما عدا ذلك فإنه يتعين مطالبتهم بكتب تحديد منابات .

7) التحايل عن طريق التواكيل :

ان عدم المطالبة بالتوكيل من قبل بعض الادارات الجهوية استنادا إلى أن الحجة العادلة محررة من قبل مأمور عمومي محمول على النزاهة ولا يمكن رمي محرراته أو الطعن فيها الا بالزور عملا بأحكام الفصل 444 و 445 و 446 م اع
لا يقوم حجة وأساسا قويا لمثل هذا الموقف . فقد ثبت بالاطلاع و بمراجعة عديد التواكيل المستعملة أنها لا تخول للوكيل حق التصرف ببيع الربع أو العقار أو رهنه . وقد يجرى عقد البيع في بعض الأحيان بموجب توكيل قديم مضى على تحريره زمن بعيد . أو أن يودع التوكيل بارشيف الادارة ويتم اعتماده بصفة آلية بدون تحر أو تثبت من تواصل العمل به . فالوكالة قد تنتهي قانونا بموت الوكيل أو الموكل أو بفقدان أحدهما للاهلية أو بإتمام العمل الموكل فيه أو بانتهاء الأجل المعين للوكالة أو بعزل الموكل للوكيل او تقييد وكالته . كل هذه الأمور التي تخرج عن علم إدارة الملكية العقارية وامام مخاطر اعتماد توكيل انقضى العمل به يحتم المطالبة بالتوكيل وان لزم الأمر طلب مصادقة الموكل لترسيم البيع بالسجل العقاري . أو طلب مصادقة المتقاسمين على عقد المقاسمة ثانية المجراة بموجب توكيل سبق بمقتضاه إجراء وترسيم مقاسمة سابقة في حين أن التوكيل تضمن بين عباراته أنه ينتهي العمل به بإنتهاء الغرض المعد له وهو المقاسمة فلا يجوز قانونا ومنطقا قبول ترسيم المقاسمة على المقاسمة بنفس التوكيل دون طلب مصادقة بقية المتقاسمين صونا لحقوقهم .
كما ان سوء استعمال التواكيل أو استعمالها لجني مصلحة شخصية يفرض مزيدا من التحري . ذلك إن تحجير تعاقد الوكيل مع نفسه يقوم على قرينة ان إرادة الموكل لا ترمي إلى تعاقد الوكيل مع نفسه لما في ذلك من تعارض في المصالح. فإذا ما تعاقد الوكيل مع نفسه يكون قد تجاوز حدود الوكالة ولا يكون عمله نافذا في حق الموكل إلا إذا أقره عملا بأحكام الفصول 549 و1119 و1155 مدني وبالتالي فإن بيع الوكيل عقار موكله لزوجته فيه تعارض في المصالح يتنافى مع الطبيعة القانونية لعقد الوكالة ولا يكون البيع المذكور صحيحا إلا إذا أقره الموكل وذلك ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها المدني عدد 31291 المؤرخ في 30افريل1996
مما يحتم جدوى المطالبة بالتوكيل عند دراسة الصكوك الناقلة للملكية والمحررة بالحجة العادلة .

8) التحايل عن طريق رفض التركة :

أجاز المشرع بموجب الفصل 241 م ا ع للورثة أو لبعضهم عدم قبول الارث . وقد أكدت محكمة الاستئناف بتونس في قرارها الصادر بتاريخ 6 فيفري 1991 ان الامتناع من قبول الارث يكون بتصريح يقدمه الورثة لقابض التسجيل بمكان افتتاح التركة مصحوبا بكل ما يجوز من الوثائق و الرسوم التي تهم التركة مع تمكينه من حوز المخلف بصورة قانونية وفقما تقتضيه أحكام الأمر المؤرخ في 15 فيفري 1932 و القرار المؤرخ في 28 ماي 1932 الصادر عن المدير العام للمالية التونسية . لكن جرى العمل ان يتوجه الوارث الممتنع عن قبول التركة إلى عدل اشهاد ويصرح برفضه للتركة
فتحرر حجة في ذلك . لكن الاشكال يبرز عند ترسيم حجة رفض تركة على رسوم دون أخرى فيترتب عن ذلك ترسيمات مختلفة و متضاربة في بعض الاحيان كأن ترسم وفاة الممتنع عن قبول التركة في الرسوم التي لم ترسم بها حجة رفض التركة فتنقل الملكية إلى ورثته الذين قد يفوتون في مناباتهم لفائدة غير حسن النية مما يحول دون معارضته برفض التركة وتنتقل الملكية إليه .

9) التحايل من خلال ترسيم حجة الوفاة :

أوجب القانون عدد 03 المؤرخ في غرة اوت 1957المتعلق بتنظيم الحالة المدنية من خلال الفصل 44 منه على قاضي الناحية القيام ببحث قصد اقامة حجة الوفاة وذلك بمجرد توصله بنسختين من مضمون وفاة الهالك توجه إليه من طرف ضابط الحالة المدنية و تتأكد الصبغة الإلزامية لهذا البحث من خلال إشارة الفصل 44 المذكور إلى ضرورة إجراء حاكم الناحية لهذا البحث بقصد معرفة الورثة قبل اقامة حجة الوفاة . فهو مخول في إطار هذا البحث بالقيام بجميع الأعمال كإستدعاء أقارب الهالك أو أجواره والتثبت من مضامين الورثة وعقود الزواج و أحكام الطلاق الباتة التي لم تضمن بسجلات الحالة المدنية ويمكنه الاطلاع بصفة عامة على جميع الوثائق لمعرفة الورثة وصلتهم بالهالك ودرجة قرابتهم به ويقيم حجة الوفاة بناء على ما تجمع لديه من معلومات و إرشادات . ورغم أن حجة الوفاة تنبني على أبحاث إستقرائية لتحديد وضبط قائمة الورثة فإنه في كثير الحالات تتسرب أخطاء مادية يمكن تداركها كالغلط في اسم وريث ومنها ما هو خطير مثل السهو عن ذكر أحد الورثة أو عدم مراعاة تسلسل الوفيات بالتنصيص على الأحفاد للابن أو البنت في حجة وفاة جدهم عوض التنصيص على اسم والدهم أو والدتهم الذين تحققت حياتهما لحظة وفاة الهالك والدهم لأن ذلك يؤثر حتما في احتساب المنابات الراجعة للورثة زيادة أو نقصا. فحجة الوفاة مثل كل عمل إنساني لا تخلو من اخطاء ففي أغلب الحالات لا يتم هذا البحث من قبل قاضي الناحية على أحسن وجه وتقام حجة الوفاة بناء على تصريح من الورثة أو من الشهود كما تقام حجج الوفاة للأشخاص المتوفين قبل غرة جويلية 1964 لدى عدلي اشهاد بطلب من احد الورثة وبناء على شهادة الشهود اساسا وقد يتعمد الورثة أو المصرح منهم بالوفاة إلى عدم التصريح بجميع الورثة وإقصاء البعض منهم اما طمعا أو بسبب مشاكل عائلية . وتشكل حجة الوفاة المبنية على تصريح مغلوط خطرا على حقوق الورثة خاصة إذا ما تم ترسيمها . إذ أن المشرع قد ألزم الورثة صلب الفصل 373 م ح ع بترسيم انتقال الملكية بالوفاة قبل أي تصرف قانوني في حق عيني مشمول بالارث وذلك محافظة على مصداقية الرسم العقاري وتجنيبه الجمود . و قد يتعمد الورثة ترسيم حجة الوفاة المتضمنة لخطأ في التنصيص على قائمة الورثة مصحوبة بفريضة شرعية تحدد منابات الورثة على أساسها ثم يتولى بعضهم أو أحدهم التفويت في جميع منابه لفائدة الغير ويكون بذلك قد فوت في أكثر مما يستحق وتجاوز منابه الشرعي . وقد يسعى الورثة المحرومون الذين لم يقع التصريح بأسمائهم ضمن قائمة الورثة إلى طلب إصلاح حجة الوفاة ومحاولة إدراج ذلك الاصلاح بالرسم العقاري بواسطة قرار إصلاح صادر عن حاكم الناحية ينصفهم و يذكرهم من بين الورثة . لكن إدراج هذا الإصلاح بالسجل العقاري من شأنه أن يمس بالحالة الاستحقاقية للرسم العقاري ويعرقل الترسيمات فيصيب الرسم الجمود ولا يبقى من حل لتسوية الوضعية الاستحقاقية للرسم العقاري سوى اللجوء إلى المحكمة العقارية .

10) ترسيم عملية ضم لرسمين تابعين لعقارين غير خاضعين لنفس النظام القانوني :

يختلف النظام القانوني المنطبق على العقارات المسجلة في القانون التونسي فمنها ما هو محين ومنها ماهو غير محين ، عقارات محينة خاضعة لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم وهي الرسوم العقارية المحدثة بعد جريان العمل بالقانون عدد 30 لسنة 1998 المؤرخ في 20 افريل 1998 و وكذلك الرسوم العقارية المحينة وفق اجراءات التحيين الواردة بالقانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001
و رسوم عقارية غير محينة تم أحداثها قبل 20 افريل 1998 و تنقسم بدورها إلى رسوم مجمدة وأخرى غير مجمدة فالفرق بين الرسوم المحينة وغيرها أنها تخضع لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم ولاجراء السند ولا يمكن أن تكون موضوع مطلب تحيين في حين أن الرسوم غير المحينة وخاصة المجمدة منها مشمولة بإجراءات التحيين .
وقد يعمد مالك عقارين أحدهما خاضع لمبدأ المفعول المنشئ للترسيم إلى طلب ضمه إلى رسم غير محين فتمتنع الادارة عن قبول ترسيم عملية الضم لاختلاف النظام القانوني للرسمين . وقد يعمد كذلك مالك عقارين أحدها فلاحي والآخر سكني لطلب ضمهما فيتعين على الادارة رفض طلب الضم لان ترسيمه سيضعها امام صعوبة لتحديد النظام القانوني المنطبق في صورة اختيار نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وفقا للقانون عدد 94 لسنة 1998، المؤرخ في 9 نوفمبر 1998 والمتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين الذي يقصي العقارات الفلاحية والعقارات المكتسبة قبل الزواج من مجال انطباقه ويحصر مفعوله في العقارات السكنية المكتسبة بعد الزواج أو المشمولة بنظام الاشتراك بموجب اتفاق الزوجين .

11 )الأدلاء بمضمون ولادة حديث العهد للمشتري يكون غير كاشف لحالته العائلية زمن شرائه للعقار السكني :


يشترط لترسيم عقود البيع المتعلقة بعقارات سكنية أو صالحة للبناء بالسجل العقاري الإدلاء بمضمون ولادة محين للمشتري يكون منصوص به على حالته العائلية وذلك للتثبت من النظام المالي للزواج المنطبق على الموضوع . وبما أن الحالة العائلية للأفراد لا تكون دائما مستقرة وثابتة بل تحصل فيها تغيرات بموجب طلاق أو موت أو اتفاق بين الزوجين يغيران به النظام المالي للزواج فإن الادارة ملزمة في إطار ما تجريه من تحريات في التحقيق بمطالبة المشتري الذي يريد ترسيم شرائه بمضمون ولادة منصوص به على حالته العائلية في تاريخ إبرام عقد شرائه لا بمضمون ولادة حديث العهد لا يكشف في أغلب الحالات عن حالته العائلية أو ينص على أنه مطلق . فواجب التحري والتدقيق يفرض ذلك لمعرفة النظام المالي للزواج المنطبق على الموضوع .

12) تعطيل الترسيمات بتعمد نشر مطالب التحيين :

لئن كان الحق في التقاضي مضمونا دستوريا وحق اللجوء إلى القضاء متاحا للجميع فإن البعض يتعمد إساءة استخدام هذا الحق اضرارا بحقوق بقية المالكين أو الدائنين ذلك أن إدارة الملكية العقارية مطالبة بعدم ترسيم اي عملية يتعلق موضوعها بمطلب التحيين المنشور طبقا للفصل 13 من قانون التحيين عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 افريل 2001 . فقد يتعمد المدين نشر مطلب تحيين لمنع إدراج ترسيم انذار قائم مقام عقلة عقارية مثلا .

13 ) الامتناع عن تسليم سند الملكية لتعطيل الترسيمات ومنع انتقال الملكية :

وقد رتب المشرع بالفصل 401 م ح ع
عقوبة جزائية بدفع خطية قدرها ألف دينار لكل من لا يستجيب لطلب الادارة ويصر على رفض تسليم سند الملكية في اجل شهر من تاريخ بلوغ الإعلام له .

الجزء الثاني : آليات وطرق التصدي للتحايل في الترسيم


dourouby

 


ان تقدير نجاعة نظام الاشهار العيني تقاس بمدى قدرته على أداء وظيفته المتمثلة في إشهار الحقوق العينية و كذلك بمدى قدرته على حماية وحفظ الحقوق العينية وبعض الحقوق الشخصية التي يتم إشهارها بالترسيم . و بالتامل في جميع عمليات التحايل نلاحظ انها تستهدف اما حقا عينيا او حقا شخصيا من خلال المس والاخلال بالمبادئ المنظمة للاشهار العيني مما يتسبب في الأضرار بهذه الحقوق و بأصحابها و بالغير . ولقد سعى المشرع من خلال تكريس عدة مبادىء و آليات قانونية لحماية حقوق المتعاملين على الرسم العقاري و الحفاظ عليها ، و تتمثل هذه الآليات في جملة من الإجراءات ذات طابع حمائي تدعمها الرقابة الإدارية على مطالب الترسيم ( الفصل الأول ) و آليات تحيينينة و تصحيحية ( الفصل الثاني ) ومن خلال الدعوى الشخصية ( الفصل الثالث )

الفصل الأول: إجراءات حمائية مدعومة بالرقابة الإدارية على مطالب الترسيم

نتعرض أولا للرقابة الإدارية على الصكوك المقدمة للترسيم في مبحث اول لندرس لاحقا هذه الآليات و الإجراءات الحمائية و المتمثلة في القيود الاحتياطية و الاعتراض التحفظي والإنذار القائم مقام عقلة عقارية في مبحث ثان .

المبحث الأول: الرقابة الادارية على الصكوك والمقدمة للترسيم

من أهم المبادئ التي يقوم عليها نظام الاشهار العيني مبدأ الشرعية الذي يقتضي التحقيق في الصكوك المقدمة للترسيم فحافظ الملكية و إدارة الملكية العقارية مدعوة للتحقق والتثبت من صحة هذه الصكوك . وقد نص الفصل 306 م ح ع على أن تتولى الادارة المذكورة قبل قيامها بأية عملية مباشرة التحقيقات التي تقتضيها مجلة الحقوق العينية التي بين الفصل 389 منها نطاق هذه الرقابة إذ تتحقق إدارة الملكية العقارية من هوية الاطراف و أهليهم و من صحة الوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب الترسيم كما تتثبت مبدئيا من ان الحق المراد ترسيمه أو قيده إحتياطيا من الحقوق الواردة بالفصل 12 من مجلة الحقوق العينية أو من الدعاوى العقارية أو التأمينات العينية التي يجوز اشهارها قانونا بالسجل العقاري .
كما تتثبت الادارة في تطابق البيانات الواردة بالصك المقدم للترسيم مع بيانات الرسم العقاري .
كما أكد الفصل 392 م ح ع على ضرورة احترام مبدأ تسلسل الترسيمات حيث لا يمكن ترسيم حق الا اذا كان منجرا ممن سبق ترسيمه بإسمه بمعنى أن الترسيم يقتضي ترسيم جميع الصكوك مهما كان مصدرها قضائية أو اتفاقية أو إدارية بصفة متتالية و بحسب اسبقيتها وتسلسلها الزمني . وينصب اهتمام التحقيق عند دراسة الصكوك المقدمة للترسيم في مراقبتها من حيث الشكل والأصل والتدقيق في صحتها وخلوها من كل تدليس أو غش .

1) من حيث الشكل :

يشترط في الصكوك المقدمة للترسيم ان تكون نسخا اذا كانت من صنف الحجج الرسمية والأحكام أو أصولا اذا كانت من صنف الحجج غير الرسمية حسب أحكام الفصل 375 م ح ع . وتنصرف عناية المحقق ثانية إلى التأكد من صفة المحرر إذ يجب أن يتم تحرير الصك من من قبل من له الصفة ومن هو مؤهل لذلك حسب الفصل 377 م ح ع و الفصل الثالث من مجلة الشركات التجارية.و يتأكد المحقق ثالثا من تعريف الاطراف بامضاءاتهم طبقا للقانون حسب الفصل 378 م ح ع .ومن الصيغة الرسمية والشكل الوجوبي لبعض العقود المقدمة للترسيم مثل عقد الهبة التي لا تقام الا بحجة رسمية حسب الفصل 204 م أ ش والوصية التي لا تثبت الا بالحجة الرسمية أو بكتب محرر و مؤرخ و ممضى عليه من الموصي الفصل 176 م ا ش كضرورة التثبت من احترام أحكام الفصلين 454 م إ ع و 378 م ح ع إذا كان الكتب صادرا عن امي ولم يتلقاه عدول أو غيرهم من المأمورين العموميين الماذونين في ذلك مع ضرورة تحرير محضر تلاوة في شأن كل تصرف صادر عنهم . كما يتثبت المحقق رابعا من توفر التراخيص المطلوبة عند الاقتضاء وهي عديدة كرخصة الوالي ورخصة وزير أملاك الدولة و الشؤون العقارية .
كما يتأكد المحقق أيضا من توفر الوثائق المصاحبة والتي تكون ضرورية لقبول الترسيم مثل سند الملكية و التواكيل والأمثلة الهندسية والوثائق الضرورية للتعريف بالشخص المعنوي . ويتثبت ايضا في المعاليم المستوجبة للترسيم والتسجيل .

2 ) من حيث الاصل :

تنصرف عناية المحقق عند دراسته للصكوك المقدمة للترسيم من الناحية الاصلية إلى التثبت من مسألتين جوهريتين وهما أطراف الصك و موضوعه . فبالنسبة لاطراف الصك يدقق المحقق في هويتهم وصفتهم و أهليتهم و جنسيتهم حيث نص الفصل الفصل 389 م ح ع على ذلك صراحة فالتحقق من هوية الاطراف يقتضي التطابق الكامل بين ما ورد بمضمون الولادة أو الوفاة المستخرج من دفاتر الحالة المدنية وبطاقة تعريف المعني بعملية الترسيم مع بيانات الرسم العقاري . و يتحرى المحقق من اكتسابهم للاهلية و الجنسية و الصفة قبل تحرير الصك المقدم للترسيم . وبالنسبة للشخص المعنوي يتم التثبت في هويته المبينة بالنظام الاساسي و من وجود التفويض القانوني لمن يمثله و مطابقة الوثائق ومحاضر الجلسات مع البيانات المودعة بالسجل العقاري . ويجب أن يتضمن الصك المقدم للترسيم جنسية كل من المتعاقدين .
و يتم التثبت أيضا من تطابق هوية الاطراف بالعقد وبالتوكيل المصاحب له . ويتم التحقيق في توفر صفة المالك في الشخص المتعلق به الصك بمعنى أن يكون القائم بالعملية المعروضة للترسيم مالكا بالرسم أو ان التوكيل الذي بيده يخوله التصرف في العقار أو في المناب الشائع الراجع الاصيل بيعا أو رهنا .كما يتوجب على المحقق أيضا التثبت من سن المتعاقدين و بلوغهم سن الرشد القانوني زمن التعاقد أو حصولهم على الترشيد القانوني بالزواج بالاطلاع على حالتهم العائلية أو طلب الحكم القضائي الذي بمقتضاه تم الترشيد في صورة الترشيد القضائي . كما يدخل في نطاق الرقابة التي تجريها إدارة الملكية العقارية التصرفات التي يجريها الأولياء و المقدمون والاوصياء في حق منظوريهم من القصر والمولى عليهم والمجحورين وذلك بطلب تقديم أحكام التقديم الصادرة عن قاضي التقاديم و الاذون الضرورية لإجراء العملية المراد ترسيمها و ما يفيد تعيين أمين فلسة اذا تم تفليس المالك أو ما يفيد تعيين مصفي اذا كانت الشركة في حالة تصفية .
اما من حيث الموضوع فيتولى أعوان ادارة الملكية العقارية المكلفون بالتحقيق في مطالب الترسيم التثبت والقيام بما يجب من تحقيقات بخصوص التنصيصات الوجوبية التي أوجب المشرع توفرها في الصكوك المقدمة للترسيم حسب الفصلين 377 و 377ثالثا من م ح ع والا كان عرضة لعدم الترسيم ، فمآل العقد المحرر خلافا للصيغ القانونية هو عدم الترسيم ، ويجد هذا الجزاء سنده القانوني في الفصول 306 و 389 و 390 م ح ع . والتثبت من تطابق موضوع الصك مع بيانات الرسم وتوفر صفة المالك في من صدر عنه التصرف ومن عدم وجود موانع قانونية للترسيم تحول دون إدراج الصك بالرسم العقاري .

المبحث الثاني: الآليات والاجراءات الحمائية


dourouby

 

1)القيد الاحتياطي :

يرمي إلى حماية الحقوق العينية التي تعذر ترسيمها بالسجل العقاري لسبق ترسيم حقوق عينية لفائدة الغير و حفظ حقوق اصحابها . فإجراء القيد الاحتياطي يضمن لصاحبه ترسيم حقه عند زوال المانع . فالغرض من إدراج قيد إحتياطي بالسجل العقاري نزع قرينة حسن النية من المتعامل على الرسم العقاري بتحذيره من إمكانية حصول تغييرات في البيانات الواردة بالرسم العقاري مستقبلا وان وضعيته غير مستقرة .ويمكن ترسيم قيد للدعاوى أو للصكوك
أ ) قيد الدعاوى :
يجرى هذا القيد الاحتياطي بمقتضى إذن على عريضة يصدره رئيس المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار بعد استشارته الكتابية لحافظ الملكية العقارية( الفصل 365 م ح ع ) ويكون الحكم المنتظر من تلك الدعاوى من شأنه أن يغير الحالة المادية أو الاستحقاقية للعقار موضوع الرسم سواء كانت تلك الدعاوى مدنية أو جزائية أو إدارية
ب ) قيد الصكوك :
و يكون بمطلب عادي مصحوبا بمؤيد ويمكن أن يتعلق موضوعه بجميع عقود الإحالة للحقوق العينية والتي تكون مقترنة بشرط تعليقي وكذلك عقود الوعد بالبيع وعقود المغارسة المستوفية لجميع الموجبات القانونية وتنص على مناب مفرز . والملاحظ أن المشرع لم يحدد أجلا لطلب ترسيم القيد الاحتياطي بيد أنه حدد مدة سريانه ب 18 سنة بالنسبة للمغارسة و ب 3سنوات لبقية القيود الاحتياطية و يمكن تجديد القيد بواسطة إذن على عريضة صادر عن رئيس محكمة الإبتدائية ودون حاجة لاستشارة حافظ الملكية العقارية مجددا سواء تعلق القيد بدعوى أو بصكوك .
ويعتبر إدراج القيد بالرسم العقاري بمثابة الإشارة الضوئية المنبهة للمتعاملين على العقار عما يعتري وضعيته الماد ية و الإستحقاقية من شوائب ومن شأن هذا القيد في كل الاحوال نزع قرينة حسن النية عن الغير بشرط ادارجه وتقييده في الوقت المناسب. فالقيد الاحتياطي يحفظ حق صاحبه تجاه أصحاب الترسيمات اللاحقة لكنه لا يمنع الترسيم فدوره حمائي فحسب .

2) الاعتراض التحفظي :

يهدف هذا الإجراء إلى حماية الدائن من جميع التصرفات أو التفويتات التي يمكن لمدينه المالك ان يقوم بها مماطلة وتنكيلا به ولمنعه من إقتضاء دينه من ماله . فالتنصيص على إعتراض تحفظي يمنع مبدئيا ترسيم الصكوك اللاحقة بالسجل العقاري . و قد خول الفصل 327 م م م ت إمكانية ترسيم إعتراض تحفظي لفائدة كل دائن . إذ يحق لكل دائن سواء كان عاديا أو ممتازا إجراء اعتراض تحفظي على العقارات المسجلة التي على ملك مدينه فقد سمح المشرع بشكل موسع ترسيم إعتراض تحفظي لكل دائن سواء كان بيده سند تنفيذي او لم يكن بيده ذلك السند أو كان له سند مرسم او لا ولكل دائن حل أجل أداء دينه أو لم يحل بعد إمكانية ترسيم إعتراض تحفظي . فبالنسبة الدائن الذي له سند مرسم مثل الرهن العقاري يكفي لترسيم اعتراضه التحفظي الادلاء بمحضر إعلام بترسيم اعتراض تحفظي يبلغه الدائن لمدينه بواسطة عدل تنفيذ يذكر فيه مراجع ترسيم السند و إن كان السند التنفيذي غير مرسم مثل حكم قضائي أو قرارا إداري او اذنا بالدفع قابلا للتنفيذ فانه يستوجب ذكر مراجعه مع الإدلاء بنسخة منه لقبول ترسيم إعتراض تحفظي بمقتضاه . أما بالنسبة الدائن الذي لا يملك سندا مرسما أو سندا تنفيذيا والذي لم يحل أجل دينه مع وجود قرائن على إعسار مدينه و عدم قدرته على الوفاء فقد خوله المشرع بالفصل 322 م م م ت استصدار إذن على عريضة من رئيس المحكمة الابتدائية التي بدائرتها عقار المدين وذلك ضمانا لاستخلاص دينه . ويكفي لترسيم إعتراض تحفظي على معنى الفقرة الثانية من الفصل المذكور الادلاء بإذن على عريضة ينص على إجراء مثل هذا الاعتراض على عقار المدين أو منابه الشائع .

3) الإنذار القائم مقام عقلة عقارية :

لئن كان اجراء الاعتراض التحفظي يكتسي صبغة تحفظية فإن الإنذار القائم مقام عقلة عقارية يتمثل في إجراء تنفيذي على العقار المسجل للمدين . هذا الإجراء يستوجب لقبول ترسيمه بالسجل العقاري استيفاء شروط محددة ويجب أن يكون مصحوبا بمؤيدات معينة . ويترتب عن ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية منع أي ترسيم جديد و ذلك ما عدا في حالات استثنائية . وتجرى العقلة التنفيذية على العقارات المسجلة للمدين بموجب إنذار يبلغ له بواسطة محضر يحرره عدل منفذ طبقا لما جاء بالفصل 452 م م م ت . مصحوبا بمؤيدات حتى يتم قبول ترسيمه ويترتب عن ترسيم الإنذار منع أي ترسيم جديد . ويقتضي ترسيم الإنذار القائم مقام عقلة عقارية بالسجل العقاري تقديم المحضر المذكور، وذلك سواء كان أصلا أو نسخة مشهودا بمطابقتها للأصل كما يجب أن يكون مسجلا لدى القباضة المالية على غرار الصكوك الأخرى المقدمة للترسيم.
ويشترط الفصل 43 من م.م.م.ت تقديم مطلب ترسيم الإنذار إلى إدارة الملكية العقارية في أجل 90 يوما من تاريخ توجيه الإنذار إلى المدين، وإلا ألغي العمل به.
وتجري العقلة التنفيذية طبقا لما جاء بالفصل 41 من م.م.م.ت بواسطة إما سند مرسم، أو سند تنفيذي.
فإذا كان السند المعتمد عليه سندا مرسما، فإنه يكفي أن يتم التنصيص عليه بمحضر الإنذار.
وإذا كان السند المعتمد عليه سندا تنفيذيا، فإنه يتوجب الإدلاء بنسخة من هذا السند تنفيذيةأو مجردة، نسخة أصلية أو مشهودا بمطابقتها للأصل.
ومن الواضح ان منع الترسيمات بالرسم العقاري بمجرد ترسيم الانذار فيه حماية للحقوق وأصحابها .

الفصل الثاني : آليات تصحيحية وتحيينية


تتمثل في إمكانية الطعن في قرار حافظ الملكية العقارية ( مبحث اول ) وفي امكانية التشطيب على الترسيم ( مبحث ثاني ) و في التنصيص على مطلب تحيين ( مبحث ثالث )

مبحث اول : الطعن في قرارات حافظ الملكية العقارية

خول المشرع من خلال أحكام الفصل 388جديد م ح ع لكل شخص تقدم بمطلب قصد ترسيم حق عيني أو كل مالك مرسم تقدم بمطلب للحصول على شهادة ملكية أو سند أو نسخ من الرسوم العقارية أو وثائق محفوظة لديها ( مع احترام مقتضيات الفصل 376م ح ع ) و جوبه مطلبه بالرفض بدون سبب قانوني امكانية الطعن في قرار حافظ الملكية العقارية. إذ لا تكتسي قرارات إدارة الملكية العقارية الصادرة برفض الترسيم أو التشطيب عليه أو الحط منه أو تعديله صبغة نهائية بل إنها تقبل الطعن فيها لدى المحكمة العقارية أمام دائرة مكلفة بالنظر في الطعون تقدر مدى وجاهة قرارات رفض الترسيم وتاجيله سواء كان الرفض صريحا أو ضمنيا وتتيح هذه الرقابة التي تجريها دائرة الطعون على قرارات الرفض الصادة عن حافظ الملكية العقارية فرصة لكل طالب ترسيم لتجاوز الصعوبات التي تحول دون ترسيم حقه .

مبحث ثاني: التشطيب على الترسيم

تختلف القوة الثبوتية للترسيمات المدرجة بالرسم فإذا كان ترسيم حكم التسجيل والترسيمات المتزامنة معه يتمتع بقوة ثبوتية مطلقة فإن الترسيمات الإدارية اللاحقة لا تكتسب سوى قوة ثبوتية نسبية اي انه بالإمكان التشطيب عليها والحط منها . ويقصد بالقوة الثبوتية للترسيمات مدى جدية الترسيمات في الاثبات والاحتجاج ومعارضة الكافة بها . وينحصر نطاق التشطيب في الترسيمات الإدارية اللاحقة ما لم ينتقل الحق موضوعها إلى غير حسن النية . ويجد إجراء التشطيب سنده القانوني في الفصلين 361 و 305 م ح ع ويتم التشطيب على الترسيمات الإدارية اللاحقة لحكم التسجيل نظرا لقوتها الثبوتية النسبية اذا ثبت انبناؤها على صكوك غير صحيحة . لكن المشرع و بقصد المحافظة على مصداقية السجل العقاري قضى بحماية الغير حسن النية الذي اكتسب حقا بالاعتماد على بيانات الرسم العقاري ولم يعلم بالعيب الذي يشوبها . إذ انه لا يمكن معارضته أو طلب إبطال ترسيمه والتشطيب عليه وفقا لأحكام الفصل 305 م ح ع الذي يكسب ترسيمه حجية مطلقة ويحصنه من التشطيب . فحفظ الحق العيني يقتضى الحرص من جانب صاحبه بترسيم قيد احتياطي لصكه أو دعواه لنزع قرينة حسن النية عن كل المتعاملين على العقار والا كان حقه مهدد بالضياع . ويمكن التشطيب على الترسيم مباشرة و بصفة أصلية بدعوى في التشطيب لدى المحكمة الابتدائية أو بصفة تبعية بمناسبة دعوى إبطال عقد مرسم اعتراه خلل في شروط تكوينه أو لإنبنائه على التحيل وسوء النية والتواطؤ كصدور حكم بإبطال بيع في إطار دعوى بليانية .

مبحث ثالث :التنصيص على مطلب التحيين


لقد لعبت المحكمة العقارية دورا مهما في تحيين الرسوم المجمدة من خلال ما اتاحه لها القانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية المنقح بالقانون عدد 67 لسنة 2009 المؤرخ في 12اوت 2009 من صلاحيات في تحيين الرسوم المجمدة و يبرز هذا الدور من خلال الاجتهادات القضائية الجريئة التي برزت في الأحكام الصادرة في مادة التحيين بناء على ما يخوله لها الفصل الخامس من قانون التحيين الذي مكنها من النظر في جميع الصعوبات الناشئة عن عدم إتمام الاجراءات القانونية المطلوبة لدى إدارة الملكية العقارية و في المطالب الرامية لتجاوز تلك الإجراءات أو تسهيل القيام بالعمليات المطلوبة وتأذن بالتنصيص على سلسلة الانتقالات و على آخر التعديلات الطارئة على العقارات المذكورة . و قد حدد الفصل الثالث من قانون التحيين الرسوم العقارية المشمولة بإجراءات التحيين التي تشمل جميع الرسوم العقارية عدا ما أحدث منها تنفيذا للأحكام الصادرة بالتسجيل بعد إجراء العمل بالقانون عدد30 لسنة 1998المؤرخ في 20 افريل 1998 فمن خلال تحيين الرسوم المجمدة التي لا يتطابق وضعها مع وضعها الواقعي بسبب عدم ترسيم عدة عمليات ناقلة للملكية عليه حمى المشرع صاحب كل حق عيني غير مرسم بضمان ترسيم صكه الأمر الذي يعيد للرسم العقاري مصداقيته . إذ يتيح نشر مطلب تحيين لدى المحكمة العقارية فرصة لكل صاحب حق غير مرسم ترسيم صكه وتجاوز الصعوبات التي تحول دون ذلك . كما أن التنصيص على مطلب تحيين بالسجل العقاري يمنع الترسيم بالسجل العقاري إلى حين صدور حكم ترسيم في شأنه فقد نص الفصل 13 من قانون التحيين انه " لا يجوز لادارة الملكية العقارية ابتداء من تاريخ التنصيص على مضمون المطلب بالرسم العقاري مباشرة أية عملية في موضوعه وعليها أن تحيل كل الملفات المقدمة لها و التي تكون ذات علاقة بموضوع مطلب التحيين إلى المحكمة العقارية . فتعليق جميع الترسيمات التي لها علاقة بمطلب التحيين من جهة و النظر في الصك المراد ترسيمه من قبل هيئة قضائية مخولة بصلاحيات واسعة تمكنها من تجاوز كل الصعوبات في إطار مطلب التحيين يمثلان ضمانا وحماية لصاحب كل حق عيني تعذر ترسيمه وفرصة جدية لترسيم صكه بالرسم العقاري.

الفصل الثالث : الدعوى الشخصية


دعوى المطالبة بالتعويض يقصد بها حق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بمقابل مالي يناسب الضرر الذي لحق بالمتضرر . وينشأ الحق في التعويض نتيجة الإخلال بالإلتزام التعاقدي أو القانوني أو عدم النزاهة والمماطلة أو الخطأ . ومن خلال التأمل في الفصل 337 م ح ع الذي ينص على أن كل شخص تضررت حقوقه من تسجيل أو ترسيم ناتج عن حكم بات بالتسجيل لا يمكن له اصلا ان يرجع على العقار وإنما له في صورة الخطأ الحق في القيام على المستفيد من التسجيل بدعوى شخصية في غرم الضرر فبعد التخلي عن شرط التغرير بعد تنقيح الفصل 337 م ح ع في 23 جانفي 1995 أصبح من السهل القيام بدعوى التعويض على أساس الخطأ ، وهي نفس الصيغة التي وردت بالفصل 27 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ 10 أفريل 2001 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية و تخليصها من الجمود فكل من تضررت حقوقه من جراء حكم صادر عن دائرة الرسوم المجمدة له في صورة الخطأ القيام على المستفيد من العملية بدعوى شخصية في غرم الضرر .
كما يبقي الفصل 388 م ح ع المنظم للطعن في قرارات حافظ الملكية العقارية " حقوق المعنيين محفوظة فيما يتعلق بالأصل " ذلك أن حكم الطعن في قرار حافظ الملكية العقارية و الترسيم المأذون به من طرف دائرة الطعون ورغم أنه صادر من جهة قضائية الا انه يعتبر مع ذلك ترسيما إداريا لاحقا وهو لا يتمتع الا بقوة ثبوتية نسبية على عكس حكم التسجيل وحكم التحيين الذين يتمتعان بقوة ثبوتية مطلقة . مما يتيح التشطيب عليه وتبقى حقوق الاطراف محفوظة فيما يتعلق بالأصل .
التحايل في الترسيم

dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --