الشاعر : محمود درويش
الشاعر : محمود درويش
من أجمل أشعاره :
أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي ..
ولمسة أمي ..
وتكبُر في الطفولة
يوماً على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا مت،
أخجل من دمع أمي
خذيني، إذا عدت يوماً
وشاحاً لهدبُك
وغطي عظامي بعشب
تعمد من طهر كعبك
وشدي وثاقي .. بخصلة شعر
بخيط يلوح في ذيل ثوبك ..
ضعيني، إذا مارجعت
وقوداً بتنور نارك ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت، فردي نجوم الطفولة
حتى أشارك صغار العصافير
درب الرجوع .. لعش انتظارك
***************************
بين ريتا وعيونى ... بندقية
والذى يعرف ريتا، ينحني
ويصلي
لإله فى العيون العسلية
... وأنا قبَّلت ريتا
عندما كانت صغيرة
وأنا أذكر كيف التصقت
بى، وغطت ساعدى أحلى ضفيرة
وأنا أذكر ريتا
مثلما يذكر عصفورٌ غديره
آه ... ريتا
بينما مليون عصفور وصورة
ومواعيد كثيرة
أطلقت ناراً عليها ... بندقية
اسم ريتا كان عيداً فى فمي
جسم ريتا كان عرساً فى دمي
وأنا ضعت بريتا ... سنتين
وهى نامت فوق زندى سنتين
وتعاهدنا على أجمل كأس، واحترقنا
فى نبيذ الشفتين
وولدنا مرتين
آه ... ريتا
أى شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ
سوى إغفاءتين
وغيوم عسلية
!قبل هذى البندقية
كان يا ما كان
يا صمت العشيّة
قمرى هاجر فى الصبح بعيداً
فى العيون العسلية
والمدينة
كنست كل المغنين، وريتا
بين ريتا وعيونى ... بندقية.
*********************
فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنْت أَحتضن
الصباح بقوَّة الإنشاد، أَمشى واثقا
بخطايَ، أَمشى واثقا برؤايَ، وَحْى ما
يناديني: تعال! كأنَّه إيماءة سحريَّة ٌ،
وكأنه حلْم ترجَّل كى يدربنى على أَسراره،
فأكون سيِّدَ نجمتى فى الليل... معتمدا
على لغتي. أَنا حلْمى أنا. أنا أمّ أمِّي
فى الرؤي، وأَبو أَبي، وابنى أَنا.
فرحا بشيء ما خفيٍّ، كان يحملني
على آلاته الوتريِّة الإنشاد. يَصْقلني
ويصقلنى كماس أَميرة شرقية
ما لم يغَنَّ الآن
فى هذا الصباح
فلن يغَنٌي
أَعطنا، يا حبّ، فَيْضَكَ كلَّه لنخوض
حرب العاطفيين الشريفةَ، فالمناخ ملائم،
والشمس تشحذ فى الصباح سلاحنا،
يا حبُّ! لا هدفٌ لنا إلا الهزيمةَ في
حروبك.. فانتصرْ أَنت انتصرْ، واسمعْ
مديحك من ضحاياكَ: انتصر! سَلِمَتْ
يداك! وَعدْ إلينا خاسرين... وسالما!
فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنت أَمشي
حالما بقصيدة زرقاء من سطرين، من
سطرين... عن فرح خفيف الوزن،
مرئى وسرِّى معا
مَنْ لا يحبّ الآن،
فى هذا الصباح،
فلن يحبَّ!
*************************
كمقهى صغير على شارع الغرباء
هو الحبّ... يفتح أَبوابه للجميع.
كمقهى يزيد وينقص وَفْق المناخ:
إذا هَطَلَ المطر ازداد روَّاده،
وإذا اعتدل الجوّ قَلّوا ومَلّوا...
أَنا هاهنا يا غريبة فى الركن أجلس
ما لون عينيكِ؟ ما اَسمك؟ كيف
أناديك حين تمرِّين بى، وأَنا جالس
فى انتظاركِ؟
مقهى صغيرٌ هو الحبّ. أَطلب كأسيْ
نبيذ وأَشرب نخبى ونخبك. أَحمل
قبَّعتين وشمسيَّة. إنها تمطر الآن.
تمطر أكثر من أى يوم، ولا تدخلينَ
أَقول لنفسى أَخيرا: لعلَّ التى كنت
أنتظر انتظَرتْني... أَو انتظرتْ رجلا
آخرَ انتظرتنا ولم تتعرف عليه/ عليَّ،
وكانت تقول: أَنا هاهنا فى انتظاركَ.
ما لون عينيكَ؟ أَى نبيذٍ تحبّ؟
وما اَسمكَ؟ كيف أناديكَ حين
تمرّ أَمامي
كمقهى صغير هو الحب
*************************
لا أَنام لأحلم قالت لَه
بل أَنام لأنساكَ. ما أطيب النوم وحدي
بلا صَخَب فى الحرير، اَبتعدْ لأراكَ
وحيدا هناك، تفكٌِر بى حين أَنساكَ/
لا شيء يوجعنى فى غيابكَ
لا الليل يخمش صدرى ولاشفتاكَ...
أنام على جسدى كاملا كاملا
لا شريك له،
لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ
تَدقَّان قلبى كبنْدقَة عندما تغلق الباب/
لاشيء ينقصنى فى غيابك:
نهداى لي. سرَّتي. نَمَشي. شامتي،
ويداى وساقاى لي. كلّ ما فى لي
ولك الصّوَر المشتهاة، فخذْها
لتؤنس منفاكَ، واَرفع رؤاك كَنَخْب
أخير. وقل إن أَردت: هَواكِ هلاك.
وأَمَّا أَنا، فسأصْغى إلى جسدي
بهدوء الطبيبة: لاشيء، لاشيء
يوجِعنى فى الغياب سوى عزْلَةِ الكون
*********************************
إذا كنت آخر ما قاله الله لي، فليكن
نزولك نون ال "أنا" فى المثنى. وطوبى لنا
لقد نور اللوز بعد خطى العابرين، هنا
على ضفتيك، ورف عليك القطا و اليمام
بقرن الغزال طعنت السماء، فسال الكلام
ندى فى عروق الطبيعة. ما اسم القصيدة
أمام ثنائية الخلق و الحق، بين السماء البعيدة
وأرز سريرك، حين يحن دم لدم، ويئن الرخام؟
ستحتج أسطورة للتشمس حولك. هذا الرخام
الهات مصر وسومر تحت النخيل يغيرن أثوابهن
و أسماء أيامهن، ويكملن رحلاتهن إلى آخر القافية
وتحتاج أنشودتى للتنفس: لا الشعر شعر
ولا النثر نثر. حلمت بأنك آخر ما قاله
لى الله حين رأيتكما فى المنام، فكان الكلام
******************************************
ليست هناك تعليقات